سورة غافر
  {وَقَالَ رَبُّكُمُ(١) ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ٦٠}(٢) يحث الله سبحانه وتعالى عباده هنا، ويرشدهم إلى عبادته والالتجاء والتضرع إليه، ووعدهم بأنه سيلبي لهم مطالبهم، وسيستجيب لهم دعاءهم، وأما من استكبر وترفع عن الخضوع والاستسلام له فسوف يذله ويهينه ويعذبه في نار جهنم.
  وذلك أن الدعاء تذلل لله سبحانه وتعالى وإظهار للعجز والفقر والحاجة إليه؛ والله سبحانه وتعالى أيضاً يحب من عبده أن يتضرع ويتذلل بين يديه، وأن يظهر الفقر والحاجة إلى ربه في جميع أوقاته.
  {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا(٣) إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ٦١} فهو وحده الذي أنعم عليكم بأن خلق لكم الليل لتسكنوا فيه وتهدأ جوارحكم من عناء التعب والمشقة في النهار، وخلق لكم النهار مبصراً لتستعينوا به على الابتغاء من فضل الله والسعي وراء أسباب معايشكم وأرزاقكم، وكل ذلك رحمة بكم ونعمة عظيمة أنعم بها عليكم فالمفروض أن تخصوه وحده بالعبادة، وأن تظهروا له الخضوع والتذلل والمسكنة.
(١) سؤال: فضلاً ما السر هنا في إقامة الظاهر مقام المضمر الموافق لمقتضى الحال؟
الجواب: مجيء الظاهر هنا «ربكم» كالدليل على أنه سيستجيب لهم فإن من شأن الرب أن يقوم بمصالح مملوكه، وأن يدفع المضار عنه.
(٢) سؤال: يقال كثيراً بأن الله يسمي دعاءه في هذه الآية عبادة وتركه استكباراً فبأي أنواع الدلالة نأخذ هذا من الآية؟
الجواب: التسمية من قبيل الظاهر لاحتمال كون جملة «إن الذين يستكبرون ..» غير متعلقة بما قبلها.
(٣) سؤال: هل يصح عطف «مبصراً» على «لتسكنوا» أم كيف، وضحوا ذلك؟
الجواب: «مبصراً» حال من النهار، وليس معطوفاً على «لتسكنوا».