سورة غافر
  {ذَلِكُمُ(١) اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ٦٢} فهذا الذي أنعم عليكم بهذه النعم هو ربكم الذي ينبغي أن تخصوه بعبادتكم، لا تلك الأصنام التي لا تملك لكم شيئا، وليس بيدها لكم أي نفع أو دفع ضر؛ فكيف تصرفون عن عبادة ربكم الذي أنعم عليكم بهذه النعم إلى عبادة غيره؟ وما هو الذي صرفكم؟ وهل فعلت لكم تلك الآلهة شيئاً حتى تتوجهوا إليها هذا التوجه وتعبدوها هذه العبادة؟
  {كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ٦٣} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أن هذا دأب المكذبين بآيات الله تعالى، وهو أنهم يصرفون(٢) عن طريق الحق، ويسيرون على غير هدى أو بصيرة، فهم يخبطون خبط عشواء في ظُلَم الضلال.
  {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا(٣) وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} يخاطب الله سبحانه
(١) سؤال: ما السر في استخدام إشارة البعيد هنا؟ وما إعراب «فأنى تؤفكون»؟
الجواب: جيء بالإشارة لتدل على انكشاف أن الله تعالى وحده هو الذي جعل، وأنه لشدة وضوحه للعقول والأبصار كان بمنزلة المحسوس الذي تراه العيون أي: أن وضوحه صار كالمعلوم ضرورة بحاسة النظر، وهذا بالإضافة إلى ما في إشارة البعيد من التعظيم والرفعة لله تعالى. «أنى» اسم استفهام بمعنى كيف، في محل نصب حال من فاعل «تؤفكون».
(٢) سؤال: يقال: فلماذا عبر عن انصرافهم بأنفسهم بالمبني للمجهول المقتضي بظاهره أنه حاصل من غيرهم؟
الجواب: يقال: الذي صرفهم هو الجهل والهوى والشهوات والكبر فصح لذلك أن يبنى الفعل للمجهول، قال الله: {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ}[الكهف: ٢٨].
(٣) سؤال: ما نوع اسمية «قراراً»؟ وما مناسبة حمله على الأرض؟
الجواب: «قراراً» مصدر قر يقر قراراً، هذا هو الأصل يقال: قر قراراً مثل: ثبت ثباتاً، وقد فسروا هذا المصدر بأنه بمعنى: مستقراً، فصح حمله على الأرض.