محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة غافر

صفحة 34 - الجزء 4

  وتعالى هنا المشركين⁣(⁣١) بأنه وحده الذي مهد لهم الأرض ليعيشوا على ظهرها، وسهل لهم أسباب المعيشة وسبلها، وهيأ لهم القرار على ظهرها نعمة منه امتن بها عليهم، وكذلك هو وحده الذي خلق لهم السماء وجعلها سقفاً محفوظاً يظلهم، وسخر لهم فيها الشمس والقمر والنجوم والسحاب والمطر والرياح، وجعلها تصب في مصالحهم وتفيض بركتها عليهم.

  {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} وهو وحده الذي خلقهم في أحسن تقويم وصورهم على أجمل هيئة وصورة، وفضَّلهم في الخلقة على سائر الخلائق، تكرمة منه تعالى كَرَّمهم بها، ونعمة عظيمة أنعم بها عليهم.

  {وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} وهو وحده الذي أخرج لهم طيبات الرزق وسخرها لهم من الثمار والزروع والحيوانات التي يستعينون بها على معيشتهم.

  {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ٦٤} فهذا الذي تفضل عليكم بهذه النعم العظيمة هو ربكم الذي ينبغي لكم أن تتوجهوا بعبادتكم إليه وحده، لا تلك الأصنام التي لا تستحق شيئاً من التعظيم والإجلال.

  وتبارك الله: يعني كثرت منافعه فيكم، وتظاهرت نعمه عليكم.

  {هُوَ الْحَيُّ} وهو الحي القيوم الدائم، وأما تلك الأصنام التي تعبدونها فليست إلا أحجاراً لا أثر للحياة عليها.

  {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ⁣(⁣٢) مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٦٥} فهو وحده المتفرد بصفات الإلهية والكمال فتوجهوا إليه، وأخلصوا عبادتكم له.


(١) سؤال: فضلاً ما وجه قصر الخطاب هنا على المشركين؟

الجواب: السورة مكية والخطاب للمشركين لذلك قال في آخر الكلام هذا: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}.

(٢) سؤال: ما معنى الفاء هنا؟ وهل لها في مثل هذا الموضع قاعدة مطردة؟

الجواب: الفاء هي الفصيحة، وسميت فصيحة لأنها تفصح عن شرط مقدر.