سورة فصلت
  {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ}(١) ثم بعد أن خلق الله سبحانه وتعالى الأرض وما فيها توجه بقدرته إلى السماء فخلق النجوم والكواكب والأقمار والمجرات من ذلك الدخان المنتشر في الفضاء.
  {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ١١}(٢) فبعد أن خلق الله السموات والأرض أمرهما بالانقياد والاستسلام لإرادته ومشيئته فأجابتاه بالسمع والطاعة، وهذا تمثيل من الله تعالى، وتصوير لإحكام قبضته وسيطرته، فكلها تجري تحت أمره، غير متخلفة عن ذلك التقدير الذي قدرها عليه، ولن تتخلف عن ذلك إلى يوم القيامة.
  {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} أراد الله سبحانه وتعالى أنه قد أتم خلقهن ودبر أمرهن في يومين، وأوحى في كل سماء ما أوحى من الدين والتكاليف لسكان كل سماء.
  {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا(٣) ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ١٢}
(١) سؤال: هل هناك شيء من المعارضة بين هذه الآية وقوله تعالى: {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}[الأنبياء: ٣٠]، أم لا وضحوا ذلك؟
الجواب: لا معارضة بين ما ذكرتم فقد كانتا رتقاً قبل أن يخلق السموات والأرض، فإنه بعد أن خلق الله تعالى فتق الأجواء وسكائك السماء أجرى فيها ماءً فخلق من زبده وبخاره السموات السبع أي: أن السموات والأرض خلقت من أصل واحد كان مجتمعاً.
(٢) سؤال: ما إعراب «طوعاً أو كرهاً»؟ وما الوجه في تذكير «طائعين» وكان الظاهر: طائعتين، أو نحو ذلك؟
الجواب: «طوعاً أو كرهاً» مصدرين وضعا موضع الحال أي: طائعتين أو مكرهتين، وذكَّر «طائعين» لأن في السماء بروجاً وسراجاً وقمراً منيراً، وكواكب ومصابيح، فغلّب المذكر على المؤنث نظراً إلى ما فيها من مذكر، والأرض كذلك.
(٣) سؤال: علام عطف قوله: «وحفظاً»؟
الجواب: العطف محمول على المعنى كأنه قال: إنا خلقنا الكواكب زينة، فهو معطوف على هذا المقدر في المعنى الذي يسمى في النحو التوهم.