محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة فصلت

صفحة 53 - الجزء 4

  هذا، وقد تكون شهادة الجوارح والجلود والسمع والبصر صوراً حية يعرضها⁣(⁣١) الله تعالى عند الإنكار فيرى الظالم صورته الحية وهي تعمل المعاصي.

  {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ⁣(⁣٢) وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ⁣(⁣٣) وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٢١} فعندما يرون أنفسهم وهم يمارسون أعمال المعاصي فيحتجون على حواسهم وجوارحهم، ولكنها ستجيب عليهم بأن الله تعالى هو الذي أنطقها⁣(⁣٤)، وأن ما شهدت به هو الحق والصدق الذي لا مفر ولا محيد عنه.

  {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} هذا من كلام الملائكة لهم في ذلك الموقف، فإنها ستقول لهم: إنه لم يكن في مقدورهم أن يتستروا أو يخفوا ما عملوه حال معصيتهم عن شهادة⁣(⁣٥)


(١) سؤال: هل يشهد لهذا قوله سبحانه: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ}⁣[البقرة: ١٦٧]؟

الجواب: قد يكون في ذلك ما يشهد لما ذكرنا.

(٢) سؤال: كيف نفهم أن الله أنطق كل شيء كما في الآية؟

الجواب: أي أنه تعالى أنطق كل شيء مما ينطق من الناس والحيوانات والطيور والجن والملائكة.

(٣) سؤال: فضلاً علام عطفت جملة: {وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ

الجواب: عطفت على جملة: {أَنْطَقَنَا اللَّهُ} وهذا إذا كان من جملة كلام الجلود، وإن كان من كلام الله تعالى فالجملة مستأنفة.

(٤) سؤال: هل هذا يرجح أن شهادتها ستكون بالنطق حقيقة أم كيف؟

الجواب: نعم في ذلك شاهد على ما ذكرتم، ويمكن أن النطق هنا مجاز عما ذكرنا؛ لإقامة الحجة بكل واحد منهما.

(٥) سؤال: يقال: ظاهر هذا أن المصدر «أن تشهد» مجرور بـ «عن» مقدرة لإصلاح الكلام فهل حذفها قياسي في مثل هذا؟ وهل يصح أن نحمله على أنه حل محل المفعول لأجله هكذا: مخافة أن يشهد؟ أم لا؟

الجواب: يحذف الجار الداخل على «أن» المصدرية قياساً سواء أكان الجار اسماً أم حرفاً، والأقرب هنا أن يقدر: «مخافة أن تشهد» كما ذكرتم.