سورة فصلت
  هذا، وقد تكون شهادة الجوارح والجلود والسمع والبصر صوراً حية يعرضها(١) الله تعالى عند الإنكار فيرى الظالم صورته الحية وهي تعمل المعاصي.
  {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ(٢) وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ(٣) وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٢١} فعندما يرون أنفسهم وهم يمارسون أعمال المعاصي فيحتجون على حواسهم وجوارحهم، ولكنها ستجيب عليهم بأن الله تعالى هو الذي أنطقها(٤)، وأن ما شهدت به هو الحق والصدق الذي لا مفر ولا محيد عنه.
  {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} هذا من كلام الملائكة لهم في ذلك الموقف، فإنها ستقول لهم: إنه لم يكن في مقدورهم أن يتستروا أو يخفوا ما عملوه حال معصيتهم عن شهادة(٥)
(١) سؤال: هل يشهد لهذا قوله سبحانه: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ}[البقرة: ١٦٧]؟
الجواب: قد يكون في ذلك ما يشهد لما ذكرنا.
(٢) سؤال: كيف نفهم أن الله أنطق كل شيء كما في الآية؟
الجواب: أي أنه تعالى أنطق كل شيء مما ينطق من الناس والحيوانات والطيور والجن والملائكة.
(٣) سؤال: فضلاً علام عطفت جملة: {وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}؟
الجواب: عطفت على جملة: {أَنْطَقَنَا اللَّهُ} وهذا إذا كان من جملة كلام الجلود، وإن كان من كلام الله تعالى فالجملة مستأنفة.
(٤) سؤال: هل هذا يرجح أن شهادتها ستكون بالنطق حقيقة أم كيف؟
الجواب: نعم في ذلك شاهد على ما ذكرتم، ويمكن أن النطق هنا مجاز عما ذكرنا؛ لإقامة الحجة بكل واحد منهما.
(٥) سؤال: يقال: ظاهر هذا أن المصدر «أن تشهد» مجرور بـ «عن» مقدرة لإصلاح الكلام فهل حذفها قياسي في مثل هذا؟ وهل يصح أن نحمله على أنه حل محل المفعول لأجله هكذا: مخافة أن يشهد؟ أم لا؟
الجواب: يحذف الجار الداخل على «أن» المصدرية قياساً سواء أكان الجار اسماً أم حرفاً، والأقرب هنا أن يقدر: «مخافة أن تشهد» كما ذكرتم.