محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة فصلت

صفحة 57 - الجزء 4

  ساعة موتهم⁣(⁣١) لتبشرهم بثواب الله سبحانه وتعالى، والنعيم الدائم في جنات النعيم، وتطمئنهم⁣(⁣٢) بأنه لن يلحقهم أي حزن أو خوف بعد ذلك الوقت أبداً.

  {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ⁣(⁣٣) وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ٣١} وتخبرهم بأنهم في نصرتهم وحراستهم في الدنيا والآخرة، وأنهم مأمورون بتلبية مطالبهم، وما تشتهيه أنفسهم في الآخرة.

  {نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ٣٢} وأن هذا تكرمة من الله تعالى لكم، وقد أصبحتم في ضيافته؛ تبشرهم الملائكة بكل ذلك وهم ما زالوا في الدنيا لم تخرج أرواحهم بعد.

  وتأمينهم لهم وتبشيرهم ذلك التبشير؛ لأن المؤمن يكون في خوف دائم من الله ومن أن يلقاه وهو مقصر في أداء شيء مما عليه من حقوق وواجبات لربه.

  ويقال: إن ذلك اليوم الذي تتنزل فيه الملائكة على المؤمن هو أفضل يوم مر عليه في الدنيا، وأسعد ساعات حياته كلها.


= تَطْغَوْا}⁣[هود: ١١٢]، أي: اثبت على الهدى الذي أمرك الله به ولا تخرج عنه، فالثبات على الهدى والاستمرار على الالتزام به هو معنىً تفيده كلمة الاستقامة فلا يحتاج إلى إثبات دليل.

(١) سؤال: من أي مأخذ يفهم أن تنزل الملائكة لا يكون إلا ساعة الموت؟

الجواب: من المعلوم أن المرء في حياته الدنيا لا يرى الملائكة فدل ذلك أن تنزل الملائكة يكون عند الموت مع قرينة قوله: {أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا ...} ووقت الموت هو الوقت المناسب لتنزل الملائكة لتبشير المؤمن.

(٢) سؤال: من فضلكم ما السر في الابتداء بطمأنة الملائكة من الخوف والحزن قبل التبشير بالجنة؟

الجواب: قد يكون السر - والله أعلم - أن المؤمن في خوف دائم في حياته الدنيا من عذاب الله ويشتد خوفه عند دنو الموت فاستدعى الحال أن يطمئنوه ويمسحوا الخوف الحال في قلبه ولحمه ودمه والمعروف أن المرء لا يستر كما ينبغي مع وجود الخوف في نفسه.

(٣) سؤال: ما السر في إعادة حرف الجر «وفي الآخرة»؟ وما إعراب «نزلاً»؟

الجواب: أعيد للتنبيه على أن لهم عناية خاصة بولاية الآخرة، وأنها ولاية أخرى مستأنفة. ونزلاً: مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف من لفظه تقديره: «ينزلون نزلاً».