محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة فصلت

صفحة 60 - الجزء 4

  {لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ٣٧}⁣(⁣١) ثم أوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ÷ أن يدعوهم إلى عبادة خالق الليل والنهار والشمس والقمر، فهو الذي ينبغي أن يخصوه بعبادتهم، وهو الذي يستحق الخضوع والانقياد، وأما الشمس والقمر فليست إلا خلقاً من مخلوقاته لا تستحق شيئاً من الألوهية والعبادة.

  {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ٣٨} فإن تمرد قومك يا محمد واستكبروا عن عبادة الله تعالى والخضوع له، فأخبرهم أن الله سبحانه وتعالى غني عنهم غير محتاج إلى طاعتهم وعبادتهم، وأخبرهم أن هناك غيرهم من سكان سماواته من يقطعون جميع أوقاتهم في تسبيح الله تعالى وتنزيهه وعبادته لا يفترون عن ذلك لحظة واحدة، أو يصيبهم السأم والملل والتعب إلى يوم القيامة.

  {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً⁣(⁣٢) فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٣٩} كان المشركون ينكرون البعث بعد الموت والحساب والجزاء، فدعاهم الله تعالى إلى أن ينظروا إلى الأرض اليابسة الجرداء التي لا أثر لشيء من الحياة عليها فما إن ينزل عليها المطر


(١) سؤال: ما فائدة هذا القيد «إن كنتم إياه تعبدون»؟

الجواب: قيل: إن الصابئين كانوا يسجدون للشمس والقمر ويزعمون أنهم يقصدون بالسجود لهما السجود لله.

(٢) سؤال: من فضلكم ما معنى قوله: «خاشعة»؟ ومم أخذت؟ وما محل المصدر: «أنك ترى الأرض»؟

الجواب: الخشوع هو التذلل والخضوع والتصاغر، واستعير الخشوع هنا للأرض المجدبة الخالية عن المطر والنبات، و «خاشعة» اسم فاعل من مصدر خشع يخشع خشوعاً.

ومحل المصدر: {أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ} الرفع على الابتداء.