سورة فصلت
  حتى تراها تنتفض وتهتز بالحياة من جديد فتخرج الخضرة والنبات والثمار، فذلك الذي بعث الحياة في هذه الأرض الموات قادر على إحياء العظام اليابسة التي تفتتت.
  {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} وهم أولئك المشركون الذين مالوا إلى التكذيب بآيات الله سبحانه وتعالى بعد معرفتهم بصدقها، وانحرفوا عنها مكابرة وعناداً، فالله سبحانه وتعالى عالم بهم ومطلع على جميع أعمالهم وسيجازيهم على تكذيبهم ذلك وتمردهم.
  ومعنى «يلحدون»: يميلون ومنه سمي اللحد بهذا الاسم لكونه مائلاً في جانب القبر.
  {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}(١) فأيهما أفضل وأحسن أذلك الذي سيكبه الله سبحانه وتعالى يوم القيامة على منخريه في نار جهنم؟ أم الذي سيؤمنه الله سبحانه وتعالى وينعم عليه في جنات النعيم؟ فما بال هؤلاء المشركين يختارون طريق الخزي والهوان والذلة بتكذيبهم وتمردهم.
  {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ(٢) إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ٤٠} بعد أن أنذرهم الله سبحانه
(١) سؤال: ما الوجه في المفاضلة بين الفريقين هنا مع عدم اشتراكهما في شيء من الفضل؟
الجواب: هذه المفاضلة كانت في الدنيا فقد كانت قريش تحتقر النبي ÷ والمؤمنين وتستهزئ بهم وكانوا يقولون: نحن أكثر أموالاً وأولاداً ونحن خير منكم مقاماً وأحسن ندياً، و ... إلخ، وكانوا يرون أنفسهم أهل الفضل وأولى بالفضل من النبي ÷ وأصحابه، ثم إن الله تعالى استنكر عليهم ذلك بصورة الاستفهام ليستدعي به الإجابة منهم أو من غيرهم فقال تعالى: {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} فلا يجد من توجه إليه هذا السؤال بداً من أن يجيب بأن الأفضل هو من يأتي آمناً يوم القيامة.
(٢) سؤال: ما الوجه في الإتيان بهذا التهديد بصورة الأمر؟
الجواب: الوجه هو التحدي لهم وعدم المبالاة بهم وبما عملوا وأنه لا يتضرر من أعمالهم وأنه قادر على الانتقام منهم وأخذ الجزاء على كل ما عملوه.