سورة فصلت
  وتعالى وحذرهم، وقطع عليهم جميع أعذارهم - هددهم بأن يختاروا ويعملوا ما شاءوا من المعاصي والمنكرات فهو عالم بجميع أعمالهم، وفي الأخير سيكون مرجعهم إليه فيحاسبهم ويجازيهم على أعمالهم.
  {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ٤١ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ٤٢}(١) وهم المشركون عندما أتاهم النبي ÷ بالقرآن وقرأ عليهم آياته التي بلغت المنتهى في الفصاحة والبلاغة التي كانوا يتقنون صناعتها ويتبارون فيها تيقنوا أنه حق وصدق لا مدخل للشك والريبة فيه، وحاولوا جهدهم في التشكيك في شيء من آياته فلم يجدوا لهم أي مدخل عليه، فكل ذلك مما يدل على أنه كلام منزل من عند الله تعالى الذي أحكمها وفصلها ووضحها. ومعنى: «لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه»: لا يتطرق إليه الباطل من أي جهة من الجهات.
  {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} فلا يكبر عليك تكذيب قومك يا محمد، وما يقولونه فيك ويفترونه عليك، وما يقابلونك به من السخرية والاستهزاء، فكل رسول أرسلناه من قبلك قد لقي من قومه مثل ما تلاقيه من التكذيب والاستهزاء والطرد والجحود.
  {إِنَّ(٢) رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ ٤٣} وهو سبحانه يمهل عباده
(١) سؤال: فضلاً أين خبر: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ ...}؟ وما إعراب {لَمَّا جَاءَهُمْ}؟ وما إعراب «تنزيل»؟
الجواب: خبر «إن الذين كفروا ..» مقدر يدل عليه سياق الكلام فيمكن أن يقدر: سيجازيهم بما عملوا لقوله في الآية السابقة: {إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ٤٠} وقد قدروا له خبراً غير ما ذكرنا من سياق هذه الآيات. «لما» بمعنى حين، متعلق بكفروا، و «جاءهم» في محل جر بالإضافة. «تنزيل» خبر ثان لـ «إن» في قوله: «وإنه لكتاب».
(٢) سؤال: ما الوجه في كسر همزة «إن» هنا؟
الجواب: كسرت «إن» لوقوعها في صدر جملة مستأنفة في جواب سؤال مقدر تقديره: فلم لا يعذبهم =