سورة فصلت
  ويتأنى بهم ويمتعهم في الدنيا ولا يعجل في الانتقام منهم بسبب كفرهم وتكذيبهم، وهذا من رحمته بهم لعلهم يتوبون ويرجعون إليه، ولكنه إذا أنزل عذابه فليعلموا أنه سيكون شديداً وأليماً عليهم وأن أخذه أليم شديد.
  {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} أنزله الله تعالى بلغتهم حتى لا يبقى لهم أي عذر يعتذرون به عند ربهم بأنهم لم يفهموا آياته أو يعقلوها، أو يقولوا لو أنه نزل بلسانهم ولغتهم لآمنوا به ولصدقوه.
  {ءَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}(١) ولئلا يستنكروا ويقولوا: كيف ينزل الله تعالى علينا كلاماً أعجمياً ونحن قوم عرب.
  {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ(٢) آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يخبرهم بأن هذا القرآن فيه هدى للمؤمنين إلى طريق نجاتهم وخلاصهم، وفيه شفاء لهم من أمراض الشك والكفر والنفاق.
  {وَالَّذِينَ(٣) لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} وأخبرهم بأن الذين لم يؤمنوا بالله تعالى قد صمت آذانهم عن سماع آياته، وقد عموا عن الاهتداء بهديه.
= كما عذب المكذبين برسله؟ فكان الجواب: {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ} أي: لا يعجل بعقوبته وعذابه كما في قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ ٦}[الرعد]، وقال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}[فاطر: ٤٥].
(١) سؤال: هل يصح أن يحمل هذا على أنه من رد الله عليهم لما اقترحوا أن يكون أعجمياً؟ أم لا لأجل قوله: «قل» بعد ذلك؟
الجواب: الأولى حمله على ما ذكرنا أي: أنه من قول المشركين الذي سيقولونه لو جعل الله القرآن أعجمياً؛ يؤيده ما ذكرتم من أن بعده «قل».
(٢) سؤال: بماذا تعلق الجار والمجرور وما محله؟
الجواب: متعلق بمحذوف خبر مقدم، ومحله الرفع، و «هدى» مبتدأ مؤخر.
(٣) سؤال: فضلاً هل هذا مبتدأ خبره الجملة بعده أم ماذا؟
الجواب: هو مبتدأ خبره الجملة التي بعده وهي قوله: «في آذانهم وقر».