محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة فصلت

صفحة 64 - الجزء 4

  {أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ٤٤} فشأن قومك يا محمد في عدم سماعهم للحق والهدى كشأن⁣(⁣١) الذي يناديه المنادي من مكان بعيد فلا يدري ما يقول.

  {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} ثم انتقل الله سبحانه وتعالى إلى إخبار نبيه ÷ بما جرى لموسى من قومه، وما حصل له من تكذيب أكثرهم بما أنزل الله تعالى عليه في التوراة، وما جرى منهم من التحريف والتبديل فيها.

  ثم أخبره الله سبحانه وتعالى أنه لولا حكمته التي اقتضت أن يؤخر تعذيبهم إلى يوم القيامة لحكم بين المختلفين في التوراة في الدنيا بأن يعذب الكافرين ويثيب المؤمنين، غير أنه سبق وعده بتأخير حسابهم وجزائهم إلى يوم القيامة لمصلحة قد علمها في ذلك.

  {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ٤٥} أي: أولئك الذين كفروا بالتوراة.

  {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} فالله سبحانه وتعالى غني عن طاعة المطيعين غير محتاج إلى عبادتهم، ولن تضره معصية من عصاه، وتكليفه لعباده إنما هو رحمة بهم ليعرضهم على الثواب العظيم والنعيم الدائم، فمن عمل الأعمال الصالحة فقد نفع نفسه وأنقذها، وأما من عمل المعاصي والسيئات فهو بذلك إنما يجلب الضرر على نفسه.

  {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٤٦} فتعذيبه للعصاة والكافرين إنما هو بسبب أعمالهم الخاسرة وكفرهم فهم الذين أوقعوا أنفسهم في العذاب.

  {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ


(١) سؤال: فعلى هذا فمن أي أقسام الكلام يكون؟

الجواب: يكون من باب الاستعارة التمثيلية، وهذه الآية في المعنى كقوله تعالى في تشبيه المشركين: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً}⁣[البقرة: ١٧١].