سورة الزخرف
  وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ(١) ١٣ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ١٤} وهو وحده الذي سخر لكم السفن والأنعام لتركبوا على ظهورها، وتحملوا أمتعتكم وأثقالكم، وتسافروا عليها من بلد إلى بلد.
  يذكرهم الله سبحانه وتعالى بذلك ليتذكروا نعمته سبحانه وتعالى عليهم، ويؤدوا حق شكرها بأداء ما افترض عليهم، ويسبحوا الله تعالى وينزهوه ويقدسوه عن اتخاذ الشركاء والأولاد، ويعلموا أنه وحده الذي أنعم عليهم بكل هذه النعم، ويعترفوا بأن له الفضل وحده في ذلك، وأنه لولا تسخيرها لهم وتذليلها لما تسنى لهم أن يركبوا عليها، وليعترفوا له بأن منقلبهم ومرجعهم إليه وأنه سيحاسبهم وسيسألهم عن كيفية مقابلتهم لنعمه فيهم؛ وأيضاً يرشد الله سبحانه وتعالى عباده في هذه الآية إلى أنه ينبغي لمن أراد الركوب على هذه الأنعام أن يدعوه بهذا الدعاء وهو: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ١٣ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ١٤}[الزخرف]. ومعنى «مقرنين»: مطيعين.
  {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ ١٥} وهؤلاء هم مشركو مكة أخبر الله سبحانه وتعالى عنهم بأنهم نسبوا إليه وأشركوا بعضاً من خلقه في صفاته(٢)، فنسبوا الملائكة إليه وقالوا إنها بنات الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً، فقد كفروا بهذا القول أشد الكفر وأبلغه.
  {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ ١٦} يستنكر الله سبحانه وتعالى
(١) سؤال: فضلاً ما أصل كلمة «مقرنين»؟ ومم أخذت؟
الجواب: معنى «مقرنين»: مطيقين، وأصلها مأخوذ من: أقرنت الشيء أي: وجدته قريني.
(٢) سؤال: هل المراد أنهم أشركوه في صفات خلقه (التوالد والحلول) ونحو ذلك؟ أم أشركوا خلقه في صفاته؟ فضلاً وضحوا لنا ذلك؟
الجواب: بسبب جعلهم الملائكة بنات الله قد أشركوه في صفات خلقه (التوالد والحلول و ...) وأشركوا خلقه (الملائكة) في صفاته أي: في الإلهية والربوبية فعبدوهم.