سورة الزخرف
  عليهم مقالتهم هذه الشنعاء فكيف ينزهون أنفسهم عن البنات ثم ينسبونها إليه تعالى؟ وكيف تبلغ بهم الجرأة إلى أن يحطوا الله تعالى إلى أدنى المراتب ويجعلوه أبخس حظاً منهم؟ ومعنى «وأصفاكم بالبنين»: اختصكم وآثركم بهم.
  وقد كانوا إذا ولد لأحدهم البنت يسود وجهه من الغيظ، ويصيبه الخجل الشديد من قومه، ويخاف من الفضيحة والعار مما يجعله يدفنها حية كما في الآية التالية، فلماذا تأنفون أيها المشركون من ذلك ثم تنسبونه إلى الله؟ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
  {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ١٧}(١) خوفاً من الفضيحة والعار والخزي الذي سيلحقه إن عرف قومه بذلك وهماً وضيقاً من سوء ما ولد له، فلماذا لا يستحيون من الله تعالى وينزهونه مما ينزهون منه أنفسهم؟ ومعنى «مثلاً» مماثلاً ومشابهاً.
  {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ١٨} يستنكر الله سبحانه وتعالى عليهم كيف يجعلون له من يربى في لباس الحلية والزينة - أراد بهم البنات - الذين لا يستطيعون الإفصاح عن حججهم بالجدال والنقاش؛ لما جبلوا عليه من العي وعدم الإفصاح بالحجة(٢).
(١) سؤال: هل «ما» في قوله: «بما ضرب» موصولة فأين العائد؟ وما محل جملة: «وهو كظيم»؟ وما إعراب «مثلاً»؟
الجواب: «ما» موصولة والعائد محذوف أي: بما ضربه للرحمن مثلاً، «وهو كظيم» الجملة في محل نصب حال، «مثلاً» المفعول الأول لضرب المتضمن معنى جعل، «للرحمن» المفعول الثاني.
(٢) سؤال: هل نأخذ من الآية أنه لا يصح أن تتولى المرأة شيئاً من المخاصمات والمنازعات لاستخراج حق أو نحوه؟
الجواب: يؤخذ منها أن على الحاكم أن يتوقف عن الحكم على المرأة إذا تخاصمت هي ورجل حتى يحضر وليها لمنازعة الخصم. وأنه ينقض حكم الحاكم إذا حكم عليها؛ لأنها بحكم فطرتها غير قادرة عن الإفصاح عن حجتها ورد حجة خصمها.