محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الزخرف

صفحة 108 - الجزء 4

  {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ⁣(⁣١) إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} كان المشركون يدعون أن الملائكة إناث افتراءً وزوراً، وقد استنكر الله سبحانه وتعالى عليهم تلك النسبة وذلك الافتراء، فهل كانوا حاضرين عندما خلقهم الله سبحانه وتعالى وأوجدهم حتى يقولوا فيهم هذا القول؟

  {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ١٩} فمقولتهم هذه قد سجلت في صحائف أعمالهم، وسيحاسبهم الله عليها.

  {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}⁣(⁣٢) وزعموا أن الله سبحانه وتعالى هو الذي أمرهم بعبادة الملائكة، وأن الله تعالى لو شاء أن يمنعهم لمنعهم، فلما لم يمنعهم دل ذلك على أنه مريد⁣(⁣٣) لعبادتهم لهم.

  {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ٢٠} فلا دليل لهم أو حجة أو برهان على صحة دعواهم وعبادتهم للملائكة، لا من كتاب، ولا من نبي قد أرسل


(١) سؤال: ما هي المنافاة بين الأنوثة وعبادة الرحمن حتى اختص الله سبحانه الملائكة بهذه الصفة: «عباد الرحمن»؟

الجواب: لا منافاة بين الأنوثة وعبادة الرحمن وقوله: {هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ} يفيد أنهم أكمل عباد الرحمن وأعلاهم وأرفعهم، وعلى هذا فالمنافاة هي بين هذا النوع الكامل وبين النوع المنشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين.

(٢) سؤال: هل كلامهم هذا على قَوَد كلام الجبرية؟

الجواب: كلامهم محتمل لأن يكون معناه معنى كلام الجبرية، وأن يكون معناه أن الله تعالى راضٍ عن عبادتهم للملائكة، مستدلين على صحة اعتقادهم هذا بقولهم: {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}.

(٣) سؤال: فضلاً ما هي الأدلة على أنه سبحانه قد أراد منهم الامتناع عن عبادتها على وجه الاختيار؟

الجواب: الدليل هو نحو قوله تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ...}⁣[الزمر: ٧]، {لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ٢٠٥}⁣[البقرة]، ونحو ذلك من آيات الكتاب الكريم.