سورة الزخرف
  أرسل الله سبحانه وتعالى إليهم محمداً ÷ استهزأوا به واحتقروه ليتمه وفقره، وزعموا أن الله سبحانه وتعالى لو أراد أن يرسل رسولاً لاختار رجلاً لنبوته من كبار القوم وزعمائهم كالوليد بن المغيرة من قريش، وعروة بن مسعود من ثقيف، وأرادوا بالقريتين مكة والطائف.
  {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ} يوبخهم الله سبحانه وتعالى على اقتراحهم عليه، وعدم رضاهم بمن اختار من عنده؟ فالله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يصطفي ويختار ما يشاء ومن يشاء، ما كان لهم الخيرة.
  {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ(١) فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} فهو وحده الذي يتولى قسمة الأرزاق وتوزيعها على عباده كيفما شاء، وهو الذي يرفع من يشاء من عباده، ويضع من يشاء منهم.
  {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا}(٢) ثم بين الله سبحانه وتعالى السبب في
(١) سؤال: يقال: ظاهر رحمة الله هنا أنها المعيشة وفي أول الاستفهام أنها النبوة فكيف؟ أم أراد سبحانه أن الاختيار لها مثل التفضيل بالرزق ونحوه؟ أم أن الإشارة للنبوة بقوله: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ...}؟
الجواب: الرحمة الأولى هي النبوة: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ}، وقوله: {مَعِيشَتَهُمْ} هي غير الرحمة الأولى، والمراد أن أمر قسمة النبوة إلى الله تعالى فهو العليم الحكيم العالم بما يصلح العباد وبما يقوم به أمر دين الله فهو الذي قسم بينهم معيشة الحياة الدنيا بعلمه وحكمته ورفع بعضهم فوق بعض فقامت الدنيا وعمرت واستمرت الحياة و ... بتدبير الله تعالى أمر قسمة الرزق على ما تقتضيه الحكمة والمصلحة.
(٢) سؤال: ما أصل اشتقاق «سخرياً»؟ فالذي يتبادر لأكثر الطلاب أنها من السخرية لأجل ضم السين؟ وما نوع اسميتها؟
الجواب: «سخريا» مصدر سَخِر يسخر، وياء النسب للقوة والمبالغة، والمكسور والمضموم بمعنى واحد عند الخليل وسيبويه، وقد قرئ بهما في سورة المؤمنون، وعن الكسائي والفراء أن المكسور من الهزء والمضموم من السُّخرة والعبودية، والذي يتناسب مع السياق هنا هو مذهب الكسائي والفراء.