محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الزخرف

صفحة 113 - الجزء 4

  تفضيله لبعض الخلق على بعض في زينة الحياة الدنيا ومتاعها فقال: لتستقيم الحياة وتستمر المعيشة، فإذا خدم بعضهم بعضاً أو عمل معه استقامت الحياة وحصلت الموازنة في المعيشة؛ فلو كان الخلق جميعاً في مرتبة واحدة في الغنى والثراء، وعلى حالة واحدة في أسباب المعيشة لما عمرت الأرض لاستغناء الناس عن العمل مع بعضهم البعض، ولكن الله تعالى لعلمه وحكمته فاوت بين البشر في الغنى والفقر، وجعل الفقراء أكثر ليضطروا إلى العمل بالأجرة في البناء والعمران والزراعة والصناعة والتجارة والسفر والخدمة والعسكرة، وبسبب الحاجة والفقر شغل ذوو العقول عقولهم لاختراع الآلات والوسائل النافعة في الحياة الدنيا.

  {وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ٣٢} ثم أخبر الله نبيه ÷ بعد ذلك أن ما أعطاه من الحكمة والنبوة خير له مما عليه قومه من الثراء والجاه وسعة الأموال.

  أراد الله سبحانه وتعالى من نبيه ÷ أن لا يكبر في عينه ما هم فيه أو يستعظم شيئاً من ذلك في نفسه، وكذلك ليعلم المؤمنون معه أن ما هم فيه من الإيمان والتقوى ومعرفة القرآن خير لهم وأفضل مما يجمعه أولئك المشركون.

  {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ٣٣ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ ٣٤ وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}⁣(⁣١) يبين الله سبحانه وتعالى لعباده حقارة


(١) سؤال: فضلاً ما محل المصدر «أن يكون»؟ إن كان مبتدأ فأين خبره؟ وبماذا تعلق الجار والمجرور «لبيوتهم»؟ وما إعرابه؟ وما إعراب: «إن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا»؟

الجواب: محل «أن يكون» الرفع على أنه مبتدأ وخبره محذوف، وهذا أحد المواضع التي يحذف فيها خبر المبتدأ وجوباً، «لبيوتهم» بدل من قوله: «لمن يكفر ..» وهذا الجار متعلق بمحذوف المفعول الثاني لجعلنا، فقوله: «لبيوتهم» متعلق بمحذوف على تقدير حلوله محل المبدل منه. «إن» نافية «كل ذلك» مبتدأ مضاف إلى اسم الإشارة، «لما» هي الإيجابية بمعنى إلا. «متاع الحياة» خبر المبتدأ مضاف إلى الحياة.