محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الزخرف

صفحة 114 - الجزء 4

  الدنيا وأنها لا تساوي شيئاً عنده، وأنه لولا حدوث الفتنة بين المسلمين لأوسع رزقه على الكفار ومكنهم من جمع الأموال الطائلة حتى يبنوا بيوتهم بالذهب والفضة، ويجعلوا سقفها ودرجها التي يرتقون عليها وأبوابها ونحو ذلك من ذلك الذهب والفضة الذي مكنهم الله منه، والزخرف هو الذهب، ولكن حكمته اقتضت أن لا يمكنهم كل ذلك التمكين، وأن يمسكها عنهم بعض الإمساك، لما في ذلك من دفع المفسدة على المؤمنين والفتنة في دينهم بالذهب والفضة فهي لا تساوي عنده شيئاً، ثم أخبرهم أن جميع ذلك إنما هو متاع كمتاع المسافر سرعان ما يزول وينتهي.

  {وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ٣٥} وأما الآخرة ونعيمها فهي لعباده الذين يخافونه ويتقون عذابه وسخطه.

  {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ٣٦} من يعرض عن ذكر الله سبحانه وتعالى ويسد أذنيه عن سماع آياته وحججه وبيناته فإن الله سبحانه وتعالى سيخلي⁣(⁣١) بينه وبين الشياطين فتضله وتغويه وترمي به في أودية الهلاك.

  {وَإِنَّهُمْ⁣(⁣٢) لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ⁣(⁣٣) أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ٣٧} أخبر الله


(١) سؤال: من فضلكم هل من دليل على أن التقييض بمعنى التخلية؟

الجواب: لم يصح لنا أن نفسر قوله: «نقيض» بنيسر ونسهل لأن الله تعالى لا يرضى الكفر والفساد ولا يحبه ولا يشاؤه، ولكن لما كان سلب الألطاف وسلب التوفيق والتنوير والمعونة عن الكافر سبباً لتسلط الشياطين على الكافر صح استعمال التقييض في سلب الألطاف والتخلية.

(٢) سؤال: فضلاً ما الوجه في جمع الضمير هنا وفي المصدودين مع أنهما مفردان في الجملة السابقة وفي الجملة التالية: «قال يا ليت بيني وبينك ..»؟

الجواب: الاسم الموصول «من» في قوله: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} لفظه مفرد ومعناه الجمع فجاز لذلك مراعاة لفظه ومراعاة معناه. و «شيطاناً» وإن كان مفرداً إلا أن المعنى أن كل واحد ممن يعش عن ذكر الرحمن يقيض له شيطاناً، وفي قوله: {يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ} هو قول كل واحد لا قولهم جميعاً.

(٣) سؤال: من أين يظهر لنا أن هذا الضمير يعود على المصدودين عن السبيل؟

الجواب: جملة: {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ٣٧} حال من ضمير المفعول في «ليصدونهم» وضمير المفعول هذا يرجع إلى «من» في قوله: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} لأن معناه الجمع، مع =