سورة الزخرف
  سبحانه وتعالى عن الشياطين بأنهم يسعون جهدهم في إغواء الناس وإضلالهم عن طريق الهدى، ويلبسون عليهم حتى يظنوا أنهم في خير العمل وعلى طريق الحق والهدى.
  {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا(١) قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ(٢) فَبِئْسَ الْقَرِينُ ٣٨} عندما يبعث الله سبحانه وتعالى يوم القيامة التابع والمتبوع، فعندها سيتمنى التابع حين يرى قرينه أنه لم يعرفه في الدنيا، ولم يكن له معه أي صلة أو صحبة، وسيأخذ في سبه وشتمه بسبب إضلاله له وتسببه في إغوائه.
  {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ(٣) ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ٣٩} لن ينتفع المشرك الذي يدخل جهنم يوم القيامة بدخول الناس معه في جهنم فسواء عليه
= أن السياق يدل على ذلك.
(١) سؤال: إلام يعود الضمير هنا؟
الجواب: يعود إلى «من» في قوله: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} ولا يعود إلى القرين.
(٢) سؤال: هل المراد باعتبار تعدد المشارق للشمس؟ أم مشرق الشمس ومغربها فسماهما مشرقين تغليباً؟
الجواب: المراد مشرق الشمس ومغربها فسماهما مشرقين تغليباً وهذا التفسير أولى بالصحة من تفسير المشرقين بمشرق الصيف ومشرق الشتاء لأن المراد المبالغة في البعد وبعد مشرق الشتاء من مشرق الصيف قليل.
(٣) سؤال: ما معنى «إذ» هنا؟ وما محل المصدر: {أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ٣٩}؟
الجواب: «إذ» بدل من اليوم، قال ابن جني في مساءلته أبا علي: راجعت فيها مراراً وآخر ما حصل منه أن الدنيا والآخرة متصلتان وهما سواء في حكم الله وعلمه. اهـ من كتاب درويش إعراب القرآن وبيانه.
أما «أنكم في العذاب مشتركون» فمحل المصدر المؤول الرفع فاعل «ينفعكم». وفي ذهني أن بعض علماء النحو قال: إن «إذ» هنا للتعليل أي: ولن ينفعكم لأجل ظلمكم اشتراككم في العذاب، وهذا القول سديد إن صح مجيء «إذ» للتعليل [١]. ورأيت بعض المعربين قدّر لتصحيح البدل فعلاً بعد «إذ» أي: إذا تبين ظلمكم وبهذا التقدير يتحد الوقت فيصح البدل.
[١] - وقد أفاد ذلك في همع الهوامع قال فيه: وتزاد «إِذْ» للتَّعْلِيل - خلافًا لِلْجُمْهُورِ - كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلنْ ينفعكم الْيَوْم إِذْ ظلمتم أَنكُمْ فِي الْعَذَاب مشتركون}[الزخرف: ٣٩] أَي: لأجل ظلمكم فِي الدُّنْيَا {وَإِذ لم يهتدوا بِهِ فسيقولون}[الْأَحْقَاف: ١١] {وَإِذِ اعتَزَلتُمُوهُم وَمَا يَعبُدُونَ إِلاَّ اللهَ فأوُا}[الْكَهْف: ١٦] وَهِي حرف بِمَنْزِلَة لَام الْعلَّة، وَقيل ظرف وَالتَّعْلِيل مُسْتَفَاد من قُوَّة الْكَلَام لَا من اللَّفْظ. اهـ وكذلك في روح البيان قال فيه: إِذْ ظَلَمْتُمْ أي: لأجل ظلمكم أنفسكم في الدنيا باتباعكم إياهم في الكفر والمعاصي وإذ للتعليل متعلق بالنفي كما قال سيبويه إنها بمعنى التعليل حرف بمنزلة لام العلة. اهـ