سورة الزخرف
  دخل وحده أو دخل معه الناس جميعاً فمصيبة دخول نار جهنم ليست كمصائب الدنيا التي إذا عمت هانت.
  {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٤٠} شبه الله سبحانه وتعالى قريشاً بالصم والعمي الذين لا يسمعون ولا يبصرون شيئاً، فكيف يستطيع الرسول ÷ أن يهدي الأعمى والأصم؟ ومهما حاول أن يسمعهم الهدى فلن يسمعوا، يريد الله سبحانه وتعالى بذلك أن يقنع نبيه أنه مهما حاول فيهم فلن يستطيع أن يؤثر فيهم أو يدخل الهدى إلى قلوبهم فلا يتعب نفسه في ملاحقتهم ليسمعوا الهدى أو يبصروا طريق الرشد.
  {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ٤١ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ ٤٢} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنه إذا توفاه إليه قبل أن يرى انتقام الله تعالى من قومه فإنه سينتقم منهم ولو بعد موته؛ لأنهم قد استوجبوا سخط الله تعالى وغضبه ونقمته، وأنه إن حان موعد تعذيبهم وأنت يا محمد على قيد الحياة فسوف ترى نزول العذاب بهم لا محالة.
  {فَاسْتَمْسِكْ(١) بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٤٣} فأحكم قبضتك يا محمد بدينك الذي أوحيناه إليك، وابق على ما أنت عليه من الدين والتوحيد والدعوة إلى الله تعالى، ولا تفتر عزيمتك في تبليغ رسالة ربك أو تتحطم معنوياتك بسبب ما ترى منهم من التكذيب والاستهزاء وعدم الاستجابة، فأنت
(١) سؤال: ما معنى الفاء هنا؟ ومن أي أنواع المجاز قوله: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ}؟
الجواب: الفاء هي الفصيحة وهي رابطة للجواب بالشرط المقدر والتقدير: إن جاءك الوحي فاستمسك.
«فاستمسك بالذي أوحي إليك» شبه الله تعالى القرآن بالحبل تشبيهاً مضمراً في النفس، ودلَّل على هذا التشبيه المكني عنه بذكر الاستمساك الذي هو من لوازم المشبه به المضمر في النفس، ويسمى هذا بالاستعارة المكني عنها، والقرينة «فاستمسك» استعارة تخييلية.