سورة الزخرف
  وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ في هذه الآية أن يسأل أهل الكتاب(١) وأهل العلم برسالات السماء عن ذلك، والمراد تنبيه المشركين على سؤال أهل العلم من اليهود والنصارى عن دين الشرك وعبادة الأصنام.
  {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٤٦ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ ٤٧} ثم أوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ÷ قصة موسى عندما أرسله إلى فرعون وقومه، وكيف واجهوا دعوته بالرفض والتكذيب والاستهزاء؛ أراد الله سبحانه وتعالى بذلك أن يسلي نبيه محمداً ÷ عما أصابه من الحزن والأسى من تكذيب قومه واستهزائهم به، فإنه ÷ سيتسلى إذا علم أن نبي الله موسى # لقي مثل ما لقي.
  {وَمَا نُرِيهِمْ(٢) مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} وقد أيده الله سبحانه وتعالى بالآيات والمعجزات الواضحة البينة التي تدل على صدق نبوته وأنه رسول من عند الله تعالى، آية بعد آية ومعجزة بعد معجزة، ولكنهم كانوا كلما جاءهم بآية كذبوا واستهزئوا بها وردوها استكباراً على الله تعالى وتمرداً عليه.
  {وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ٤٨} فكان الله تعالى يعذبهم في الدنيا بالبلاء والقحط والشدة، فتارة يرسل عليهم الجراد وتارة القمل وتارة الضفادع وتارة الدم وتارة الطوفان حين أفاض عليهم نهر النيل حتى جرف مزارعهم ودمرها، وكل ذلك لعلهم ينتبهون من غفلتهم، ويرجعون إليه ويقلعون عما هم فيه
(١) سؤال: يقال: و ما السر في إسناد السؤال إلى الرسل أنفسهم؟
الجواب: أسند السؤال إلى الرسل ليدل على أنهم هم الذين جاءوا بالدين الحق، وأن ما شرعوه هو الحق المتبع، وأنه لا قبول ولا سماع لما خالف ما جاءوا به.
(٢) سؤال: ما الوجه في حكاية الأفعال هذه بزمن الحال؟ وما محل جملة: «هي أكبر من أختها»؟
الجواب: حكي ذلك بالفعل المضارع «نريهم» ليستحضر المخاطب الصورة كأنها ماثلة أمام عينيه. «هي أكبر من أختها» في محل نصب حال من «آية» لتخصصها بالعموم.