محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الزخرف

صفحة 122 - الجزء 4

  بجهنم هم ومعبوداتهم، ثم إن المشركين أقبلوا مجادلين للنبي ÷ بقولهم: إنك تحكم على عيسى بدخول النار هو وعبدته، يريدون أن يحتجوا بذلك على بطلان دعوى رسالة النبي ÷؛ لأن دخول عيسى # النار باطل، وهم بذلك إنما يجادلون النبي ÷ على طريق الخصام والتعنت والسخرية، وإلا فهم في الحقيقة قد عرفوا الحق، وعرفوا أن الله سبحانه وتعالى لم يقصد عيسى في تلك الآية التي توعدهم فيها وهي قوله: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ٩٨}⁣[الأنبياء].

  {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٥٩} ثم رد الله سبحانه وتعالى على المشركين بأن عيسى # ليس إلا عبداً مملوكاً لله تعالى قد أنعم عليه بالنبوة وجعله عبرة وآية⁣(⁣١) لبني إسرائيل.


= المشركين: فالنصارى يعبدون عيسى ويزعمون أنه ابن الله، يجادل بذلك القول رسول الله ÷ ويستدل على أن عيسى من حصب جهنم.

سؤال: ما السر في سقوط الفاء من جواب «لما» في قوله: {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ٥٧}؟ وما معنى «يصدون» هنا؟ ومم أخذ؟ وما إعراب «جدلاً»؟

الجواب: «إذا» الفجائية تغني عن الفاء وتقوم مقامها في الربط، ومعنى «يصدون» يضجون وترتفع أصواتهم فرحاً بجدالهم الرسول ÷، ومنه قوله: {إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}⁣[الأنفال: ٣٥]، وهو مأخوذ من: صَدّ يصد بالضم والكسر صديداً ضجّ. اهـ مختار، وقوله: «جدلاً» مفعول لأجله والاستثناء مفرغ.

(١) سؤال: فضلاً من أي جهة كان عبرة وعظة لبني إسرائيل؟ وهل إطلاق المثل على العبرة والآية حقيقة أو مجاز؟ وهل هناك علاقة بين هذا المثل والمثل المذكور في الآيتين قبله أم كيف؟

الجواب: إنما فسرنا المثل هنا بالآية والعبرة لما ورد في قوله تعالى في مريم: {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا}⁣[مريم: ٢١]، وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ...}⁣[المؤمنون: ٥٠]، وإطلاق المثل على الآية مجاز، وصح ذلك لأن قصة عيسى وحقيقة أمره شيء غريب يستغربه العقل ويتعجب منه، فأشبه المثل من هذا الوجه وانتشر انتشاره لغرابته، وليس بين هذا المثل والمثل المذكور في الآيتين علاقة.