محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الزخرف

صفحة 123 - الجزء 4

  {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ ٦٠} وأخبرهم الله سبحانه وتعالى بأنه لو شاء أن يهلكهم لأهلكهم وأبادهم، واستخلف مكانهم ملائكة يوحدونه ويعبدونه. وقوله «منكم»: أي بدلكم⁣(⁣١).

  {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ٦١}⁣(⁣٢) ثم أخبرهم الله سبحانه وتعالى أنه جعل عيسى # علماً⁣(⁣٣) من علامات الساعة وتحقق قيامها.

  وقد فسرت هذه الآية بعدة تفاسير وأصحها عندي: أن عيسى # كان يحيي الموتى بعد أن صارت عظاماً وتراباً بإذن الله، آية من الله سبحانه وتعالى أيده بها، وليتيقنوا صحة القيامة وتحقق وقوعها، فقد رأى الناس بأعينهم إحياء الله تعالى الموتى على يد نبيه عيسى #، وما داموا قد شاهدوا ذلك بأعينهم وتواترت للناس جميعاً من بعد حتى صاروا يعرفونها جميعاً، وحتى وصل علمها إلى المشركين في عهد


(١) سؤال: من فضلكم ما وجه هذا المعنى؟

الجواب: «مِنْ» حرف مشترك بين عدة معان أحدها البدل، ويعرف المعنى المقصود بسياق الكلام.

(٢) سؤال: هل صح لكم –أيدكم الله بتأييده - نزول عيسى # إلى الأرض من غير هذه الآية لوروده في كثير من أخبار المهدي المنتظر وفي كلام الأئمة زيد بن علي والهادي والحسين بن القاسم وغيرهم كما في التفسير؟ أم أن لكم نظراً في ذلك؟

الجواب: الذي أميل إليه هو عدم نزول عيسى # لرجحان دليل ذلك على دليل نزوله، فقد صح قطعاً أنه لا نبي بعد خاتم النبيين ÷، وقد قال الله تعالى حكاية لقول عيسى #: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ١١٧}⁣[المائدة].

(٣) سؤال: يقال: فلم أخبر الله عنه بأنه عِلْمٌ للساعة بكسر العين وسكون اللام، ولم يقل: عَلَم بفتحهما؟

الجواب: لم يرد الإخبار بأنه # أمارة من أمارات الساعة وإنما أراد أنه # نفس علم الساعة أي: أنه أتى بآيات يعلم بها بعث الموتى يوم القيامة وإنما جعله # نفس علم الساعة للمبالغة في آياته الكاشفة للعلم بالساعة.