سورة الدخان
  السعير بسبب تعظمكم في الدنيا وتكبركم فيها، فهذا الخزي والعذاب الذي أنتم فيه هو الذي كنتم تشكون في وقوعه وتكذبون به، وكل هذا تهكم بهم وسخرية ليزدادوا حسرة وندماً على ما فرطوا في الدنيا.
  {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ(١) ٥١ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ٥٢ يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ٥٣ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ٥٤ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ(٢) آمِنِينَ ٥٥}(٣) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن الحالة التي يكون عليها أولياؤه المتقون، فقال إنهم في أمن وأمان، وقد أنزلهم الله تعالى المنازل الرفيعة في جنات النعيم، وجمعهم مع أحبابهم وأصدقائهم في الدنيا على الموائد السنية التي قد ملئت بألذ وأطيب المأكولات والمشروبات، وجعل حولهم الحشم والخدم، وألبسهم الملابس الفاخرة من السندس والإستبرق الذي هو الحرير - فالسندس:
(١) سؤال: هل «فعيل» بمعنى «فاعل»؟
الجواب: «أمين» هنا صفة مشبهة بمعنى فاعل.
(٢) سؤال: يقال: إذا كانت جملة «يلبسون» حالية فهل يصح أن يتبعها الحال المفرد «متقابلين»؟ وعلام عطف: {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ٥٤}؟ وما محل جملة «يدعون»؟ وما الوجه في دخول الباء على كل في قوله: {بِكُلِّ فَاكِهَةٍ}؟
الجواب: جملة «يلبسون» في محل رفع خبر ثان لـ «إن»، وجملة «زوجناهم» معطوفة على جملة «يلبسون»، وجملة «يدعون ..» في محل نصب حال من ضمير الغائب في «زوجناهم» ودخلت الباء على «فاكهة» لتضمن يدعون معنى يرغبون.
(٣) سؤال: ما السر في بدء أحوالهم بالأمان وإنهاء صفاتهم به في قوله: «آمنين»؟
الجواب: السر - والله أعلم - أن المؤمن يكون في حياته الدنيا خائفاً من لقاء الله لا يفارقه الخوف لذلك فيكون أعظم ما يلقاه هو الأمن وذهاب الخوف؛ لذلك حكى الله تعالى عن المؤمنين قولتهم إذا أدخلهم الله الجنة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ٣٤ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ}[فاطر]، فإن ذلك يدل على أن ذهاب الحزن من قلوبهم أعظم من نعمة دخولهم الجنة لذلك بدأوا بذكر إذهاب الحزن، ثم ثنوا بذكر إحلالهم دار المقامة.