سورة الجاثية
  الناس فهو آية من آياته الدالة على عظمته وقدرته، وكذلك كل دابة خلقها الله تعالى على وجه الأرض فهي آية ناطقة بإلهيته وقدرته وعلمه وحكمته.
  {وَاخْتِلَافِ(١) اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} واختلاف الليل والنهار وتعاقبهما، ودخول أحدهما في الآخر، ففي ذلك آية ناطقة ودلالة واضحة على قوة من أوجدهما، وحكمته وعظمته وعلمه.
  {وَمَا(٢) أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} وإنزال المطر من السماء وإحياء الأرض بالخضرة والنبات بعد اليباس والجفاف آية عظيمة دالة على أن هناك مدبراً دبرها وموجداً أوجدها في غاية الحكمة، فمن الذي أوجد ذلك السحاب بعد أن لم يكن؟ ومن الذي هيأه لحمل قطرات الماء وإمساكها عن السقوط إلا في حينها؟ ومن الذي هيأ الرياح لتسوقه إلى الأماكن البعيدة والمختلفة؟ إذاً فلا بد أن يكون هناك قادر أوجدها في غاية الحكمة ومنتهى الدقة والإتقان، وهو الله رب العالمين.
= والحكمة إلا المؤمنون، والثانية تضمنت الآيات التي يدرك دلالتها الموقنون وهم أعلى درجة من أهل العقول، فهم ذوو نظر ودراية بكيفية الاستدلال والتوصل إلى النتائج الصحيحة، والثالثة تضمنت الآيات التي من شأنها أن يدرك نتائجها ويفهم مدلولاتها أهل العقول، فمن كان له عقل يدرك ذلك ولا تخفى عليه نتائجها لوضوحها عند العقل.
(١) سؤال: إن كان الوجه في جر «اختلاف» العطف على «خلقكم» والعامل فيه حرف الجر «في» فسيكون قوله «آيات» في آخر الآية معطوف على «آيات» في الآية السابقة، وهذا يؤدي إلى العطف على معمولي عاملين مختلفين، وهذا ما يمنعه جمهور النحاة فكيف؟
الجواب: قد أجاز الأخفش ذلك، وأباه سيبويه، ويمكن تخريجه على مذهب سيبويه بأنه على إضمار «في»، والذي سهل ذلك تقدم ذكرها. أفاد ذلك الزمخشري.
(٢) سؤال: هل تختارون في «ما» في قوله: «وما أنزل» المصدرية؟ فما وجه ذلك؟ وهل تصح الموصولية أم لا؟
الجواب: الأولى أن تكون «ما» مصدرية للتناسب أي: لأنها معطوفة على مصادر: «خلقكم» «اختلاف»، ويجوز أن تكون موصولة والعائد محذوف.