سورة الجاثية
  {هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ(١) أَلِيمٌ ١١}(٢) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأن هذا القرآن الذي أوحاه إليه فيه النور والهدى ليهتدي الناس بهديه، فمن أعرض عن هدى الله وكفر به فله عذاب عظيم في نار جهنم.
  {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا(٣) مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ١٢} ثم ذكرهم الله سبحانه وتعالى أيضاً بآية أخرى من
(١) سؤال: فضلاً ما هو الرجز؟ ومم أخذ؟
الجواب: الرجز هو النجس، ومعناهما القذر وهو اسم مرتجل وليس مأخوذاً من مصدر أو فعل.
(٢) سؤال: فضلاً ما الوجه في رفع «أليم» رغم أن «رجز» مجرورة؟
الجواب: رفع «أليم» لأنه صفة لعذاب المرفوع أي: أن العذاب وصف بصفتين: كونه من رجز، وكونه أليم.
(٣) سؤال: الظاهر أن الابتغاء من فضل الله تفصيل وفرع عن جريان السفن في البحر فما الوجه في الإتيان باللام والواو دون الفاء في قوله: «ولتبتغوا»؟
الجواب: في آية أخرى: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}[فاطر: ١٢]، وفي هذه الآية: {لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} وفي أخرى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ ٣٢}[إبراهيم]، وفي أخرى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٤٦}[الروم]، فاللام في هذه الآيات جميعاً للتعليل والمعنى ظاهر مستقيم فالله تعالى سخر البحر ليبتغوا من فضله بالتجارة والصيد واستخراج اللؤلؤ والمرجان. وقوله: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}[فاطر: ١٢]، هو بمعنى الآية التي وقع السؤال فيها فقوله: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ} بمعنى: {سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ} وإنما فصل في هذه الآية ما أجمله في قوله: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ}، فإن الناظر إذا نظر إلى السفن وهي تمخر البحر وتسير على ظهر الماء سبّح الله تعالى الذي سخر البحر ودبره لحمل السفن على ظهره، والذي أرسل الرياح لتسوق السفن وتجري بها على ظهر الماء بلطفه وحكمته.