سورة الأحقاف
  {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ(١)} وأن يخبرهم بأن الله سبحانه وتعالى عالم بما يخوضون فيه من الحديث فيما بينهم من التكذيب والاستهزاء بكلام الله تعالى والصد عن سبيله، وسيجازيهم على ذلك.
  {كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ}(٢) وأنه يكفيني شهادة الله سبحانه وتعالى على تبليغي إياكم ورفضكم وتكذيبكم بدعوتي وبما جئتكم به.
  {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٨} وأن يخبرهم بأن الله سبحانه وتعالى سيجازيهم على كل ذلك؛ غير أن من صفته أنه غفور رحيم لا يعجل بأخذه وانتقامه بل من رحمته أن يمهلهم ويتأنى بهم.
  {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا(٣) مِنَ الرُّسُلِ} وأمره أيضاً أن يخبرهم بأنه ليس النبي
(١) سؤال: فضلاً هل لهذه الجملة محل أم لا؟ ولماذا؟ ومِمَّ أخذت كلمة «تفيضون»؟ وما أصل اشتقاقها بما يناسب معناها؟
الجواب: لا محل لها من الإعراب؛ لأنها تعليل لما قبلها أي: في جواب سؤال مقدر.
و «تفيضون» مأخوذة من أفاض إفاضة والإفاضة هي الاندفاع في العمل على جهة الانبساط يقال: أفاض القوم في الحديث إذا اندفعوا فيه، وقد أفاضوا من عرفة إذا اندفعوا منها، أفاد ذلك الرازي في تفسيره.
(٢) سؤال: ما الوجه في فصل جملة «كفى به شهيداً» عن سابقتها؟ ووصل «هو الغفور الرحيم»؟
الجواب: اقتضى قوله: {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ} سؤالين:
١ - وماذا يكون إذا علم الله؟
٢ - إذا علم فلماذا لم يؤاخذهم؟
فاقتضى ذلك فصل «كفى بالله ..» ووصل «وهو العفور الرحيم» بما قبلها؛ لأن السؤالين جمع بين الجملتين.
(٣) سؤال: ما نوع اسمية «بدعاً»؟ ومم أخذت؟
الجواب: قالوا في «بدعاً» إنه بمعنى بديع كـ «خِف» بمعنى خفيف، وبَدعاً بفتح الباء مصدر بدع، و «بدعاً» مأخوذة من بدع بفتح الدال، والله أعلم.