سورة الأحقاف
  يعرضهم على نار جهنم فيخبرهم أو تخبرهم الملائكة بأن هذا هو العذاب الذي ينتظركم بسبب ميلكم إلى الدنيا وشهواتها واغتراركم بنعيمها وزخرفها، وإعراضكم عما وراءها من الحساب والجزاء، واستكباركم عن قبول ما جاءتكم به رسل الله À من الحق، وفسوقكم عن أمر الله، فاليوم تجزون عذاب الحريق في نار جهنم.
  {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ(١) مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ
=
الجواب: الوعيد خاص بمن اغتر بنعيم الدنيا واشتغل بملذاتها وطيباتها عن طاعة الله، وهذا الوعيد خاص بالكافرين وبمن اشتغل بالدنيا واغتر بها ونسي طاعة الله وإن كان من المسلمين، أما من لم تشغله طيبات الدنيا وزينتها عما افترض الله عليه في دينه فلم تلهه عن طاعة الله وما أوجبه الله عليه، وكان متحرزاً عن الوقوع في معاصي الله، يوالي أولياء الله ويعادي أعداءه و ... إلخ فليس من أهل هذه الآية. أما الخوف فالمفروض أن يكون المؤمن خائفاً من تقصيره في طاعة الله ومن التفريط في ذكره ومن التضييع لما أوجبه الله عليه من حقوق الله وحقوق والديه وأرحامه وجيرانه وإخوانه المؤمنين، وخائفاً من هوى نفسه الأمارة بالسوء فإنها تميل إلى الراحة والكسل؛ لذلك فقد يكون مفرطاً في طلب علم أو بذله أو مقصراً في أمر أو نهي أو تذكير أو قضاء حاجة مؤمن أو في تذكير أهل وتربية ولد أو تعليم أرحام أو فصل خصام أو إصلاح أو نحو ذلك، وقد ينخسه الكبر أو العجب أو الرياء أو نحو ذلك من غير أن ينتبه له، وقد ... وقد ... إلخ، فمن شأن المؤمن أن لا يمسي ولا يصبح إلا ونفسه عنده ضنون (متهمة) يمسي تائباً مستغفراً ويصبح تائباً مستغفراً.
(١) سؤال: يقال: كيف يتناسب قوله: «وقد خلت النذر» مع قوله: «ومن خلفه» إذا كان المراد بها: ومن بعده؟
الجواب: الخطاب للنبي ÷ أمره الله تعالى أن يذكر لقومه أخا عاد - أي: هوداً - حال كون أخا عاد في زمن النبي ÷ قد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه، فقوله: «وقد خلت ...» حال من «أخا عاد» والعامل فيها «اذكر» وليست حالاً من فاعل «أنذر» فلا إشكال حينئذ، وإنما الإشكال والسؤال لو جعلنا الجملة الحالية حالاً من فاعل «أنذر».