محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأحقاف

صفحة 180 - الجزء 4

  فأرسل عليهم الريح العقيم، وعندما رأوها مقبلة⁣(⁣١) عليهم ظنوا أنها مبشرة بقدوم المطر إليهم؛ فأجاب الله سبحانه وتعالى عليهم بأن الأمر ليس كما يظنون وإنما هو عذاب الله تعالى قادم إليهم في تلك الريح، فما حل الصباح عليهم إلا وقد أبادتهم جميعاً، ودمرت مساكنهم وأموالهم.

  {كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ٢٥} ثم أوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ÷ أن يخبر قومه بأنه سوف ينزل بهم مثل ما أنزل على أولئك القوم من العذاب إن هم استمروا وتمادوا في ظلمهم وطغيانهم.

  {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا⁣(⁣٢) وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى قريشاً بأنه قد مكن عاداً في الدنيا مثل ما مكن قريشاً، وآتاهم القوة والسعة في الأموال والأولاد، وأنعم عليهم بالأسماع والأبصار والعقول الراجحة ولكنهم لم ينتفعوا بها، وتعاموا عن الحق والهدى لما جاءهم، فأخذهم عذاب الله⁣(⁣٣).


(١) سؤال: هل جاءت هذه الريح في صورة السحب أو مع السحب؟ فظاهر العارض أنه يطلق على السحب؟

الجواب: جاءت الريح في صورة السحب، ولعل ذلك كان لكثرة ما تحمله من الغبار لقوتها؛ فإن الغبار الكثير المتراكم إذا رؤي من بعيد وقد سد الأفق لكثرته يظنه الرائي سحاباً ولا يتبين له أنه ليس بسحاب إلا إذا قرب منه.

(٢) سؤال: فضلاً هل في تخصيص السمع بالإفراد دون الأبصار والأفئدة حكمة تعرف، فما هي؟

الجواب: قد قال الزمخشري في توجيه ذلك: ووحد السمع كما وحد البطن في قوله: كلوا في بعض بطنكم تعفوا، يفعلون ذلك إذا أمن اللبس فإذا لم يؤمن اللبس كقولك: فرسهم وثوبهم، وأنت تريد الجمع رفضوه، ولك أن تقول: السمع مصدر في أصله والمصادر لا تجمع فلُمِحَ الأصل يدل عليه: {وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ}⁣[فصلت: ٥]، وأن تقدر مضافاً محذوفاً أي: وعلى حواس سمعهم ... إلخ. اهـ (من الكشاف بلفظه).

(٣) سؤال: يبدو أنكم بنيتم على أن «إن» زائدة في قوله: {فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ ...} فهل لـ «إن» =