محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأحقاف

صفحة 183 - الجزء 4

  يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ⁣(⁣١) وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ٣٠} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أنه قد صرف نفراً من صالحي⁣(⁣٢) الجن إلى حضور مجلس النبي ÷ والسماع له وهو يتلو آيات القرآن، فأنصتوا لتلاوة النبي ÷، فلما أتم ÷


= # وتسمى عندهم العهد القديم؛ لذلك فلا يقال: إن الجن المذكورين لم يعتبروا عيسى ولم يعتدوا بنبوته.

ولا يدل قول الجن هذا على أنهم أدركوا موسى # وآمنوا به بل يحتمل أنهم أدركوا موسى وأخذوا عنه وأنهم أخذوا علم التوراة عن آبائهم وصالحيهم.

سؤال: هل يؤخذ من القصة أن إرشاد الجن ودعوتهم لا تكون إلا ببعضهم البعض لا بالإنس؟ وهل يتأتى في الواقع أن يحصل إرشادهم عبر الإنس أم لا، وضحوا ذلك؟

الجواب: الذي يؤخذ من الآية أن إرشاد الجن يحصل بواسطة الإنس فقد استرشد الجن أصحاب هذه القصة بما سمعوه من النبي ÷ من القرآن، كما يؤخذ منها أنهم كالإنس في إرشاد بعضهم بعضاً ودعوة بعضهم لبعض، ويؤخذ منها أن الرسول ÷ حجة عليهم ودعوته عامة لهم: {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ ...} الآية.

(١) سؤال: ما هو العامل في «إذ» الظرفية في قوله: «وإذ صرفنا»؟ وما محل جملة «يستمعون» وجملة «يهدي إلى الحق»؟

الجواب: «إذ» مفعول به لـ «اذكر» محذوفاً وليست ظرفاً هنا، و «يستمعون» في محل نصب حالية من «نفراً» فهي في محل نصب أو صفة لـ «نفراً». «يهدي إلى الحق» في محل نصب صفة لـ «كتاباً» أو حال منه.

(٢) سؤال: من أين أخذنا أنهم صالحون قبل هذه القصة؟ وكيف حصل أمرهم بالتوجه إلى النبي ÷؟

الجواب: أخذ أنهم صالحون من قولهم: {إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا ...} الآية، فإنه يؤخذ من ذلك أنهم كانوا مصدقين بالتوراة ومن أهل العلم بها؛ لذلك قالوا في القرآن: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ...} فإنهم لن يقولوا هذا القول إلا وهم من أهل العلم بما أنزل الله فيها. وتم صرفهم إلى النبي ÷ بأن يخلق الله تعالى في نفوسهم دواعي إلى التوجه إلى مكة إما للطواف بالبيت الحرام أو لغير ذلك، والله على كل شيء قدير.