سورة محمد
  نَاصِرَ لَهُمْ ١٣} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه لا يعز عليه إهلاك قريش وتدميرهم بسبب كفرهم وتكذيبهم بمحمد ÷، فكم من قرى قد أهلكها ودمرها وأباد أهلها مع ما كانوا فيه من الكثرة والقوة والعزة والجاه والسلطان، فلم يستطيعوا أن يدفعوا عن أنفسهم شيئاً من عذاب الله تعالى الذي أنزله بهم، ولم تستطع قوتهم وكثرتهم أن تدفع عنهم شيئاً؛ فلا تستبعد قريش أن يحل بها مثل ما حل بهم من العذاب فليسوا أعز منهم ولا أقوى.
  {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ١٤}(١) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه لا يستوي الذي آمن به وصار على يقين من دينه، والذي غرق في المعاصي والشهوات واتبع هواه وتزيين الشيطان له، فلا بد أن يجازي الله كلاً على عمله في الدار الأخرى يوم القيامة، وأن ينال كل منهم جزاء عمله، ولا بد أن يلقى المؤمن ثواب صبره على ما لقي من الأذى والفقر والشدة، وأن ينال ذلك الظالم والمكذب عقاب تكذيبه وكفره بنعم الله سبحانه وتعالى عليه وجزاء محاربته لله تعالى ورسوله ÷.
  {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ(٢) فِيهَا(٣) أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ
(١) سؤال: هل قوله: «من كان» مبتدأ فاين خبره؟ وما هي العلة في جمع الضمير في قوله: «واتبعوا أهواءهم» بعد إفراده؟
الجواب: «من كان» مبتدأ وخبره: «كمن زين له ...» وجمع «واتبعوا أهواءهم» نظراً لمعنى «من» فإن معناها الجمع ولفظها مفرد ويجوز مراعاة الوجهين.
سؤال: هل يصح ضرب هذه الآية مثلاً للفرق بين حالة المؤمن العالم الذي يمشي على بصيرة في كل ما يأتي ويذر من أعماله والجاهل الذي يخبط في تدينه خبط عشواء؟ أم لا؟
الجواب: {كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} تعم الكافر والجاهل الذي ذكرتم فتحمل على الجميع.
(٢) سؤال: ما هو الضابط في هؤلاء المتقين الذين استحقوا هذا الوعد؟
الجواب: التقوى: هي أن يطاع الله فلا يعصى ويشكر فلا يكفر ويذكر فلا ينسى، وهذا بعد حسن المعرفة بالله ومعرفة ما يلحق بذلك من المعارف الدينية الأصلية.
(٣) سؤال: ما السر في فصل هذه الجملة عن سابقتها؟
الجواب: «مثل الجنة» مبتدأ وخبره محذوف أي: مثل عظيم، وقوله: «فيها أنهار ..» جملة مستأنفة في جواب سؤال مقدر؛ لبيان عظمة صفة الجنة «مثلها».