محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة محمد

صفحة 197 - الجزء 4

  مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} صفة الجنة التي وعد المتقون صفة⁣(⁣١) لا تخطر لعظمها على قلوب البشر فالعسل فيها يجري في الأنهار ولبنها أنهار والخمر فيها أنهار وفيها أنواع الثمار والفواكه، وفيها رضوان الله ومغفرته. ومعنى «غير آسن»: غير متغير.

  {كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ١٥} اقتضت حكمة الله أن لا يساوي بين المتقين، وبين من استحق عقاب الله وسخطه؛ لكفره بالله وصده عن سبيله فالمؤمنون عند الله ليس كالكافرين الذين أعد لهم عذاب جهنم خالدين فيها أبداً، وشرابهم فيها الحميم الذي يقطع أمعاءهم، ويشوي وجوههم، من شدة حرارته.

  {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ⁣(⁣٢) مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ١٦} ثم تحدث الله سبحانه وتعالى عن المنافقين ووصفهم بأنهم الذين يجلسون في مجلس النبي ÷، ويستمعون لما يقرأه عليهم من القرآن غير أنهم، لا يدرون بشيء مما


(١) سؤال: هل تريدون أن الخبر محذوف مقدر بهذا؟ وهل يصح أن يكون «كمن هو خالد» خبره على تقدير الاستفهام: «أمثل الجنة ... كمن هو خالد» أم أنه بعيد جداً؟ فما يكون إعراب «كمن هو خالد»؟ وما ينبني عليه من معنى؟

الجواب: نعم المراد أن الخبر محذوف مقدر كما قدرناه، وقد اختار سيبويه أن الخبر محذوف إلا أنه قدره: مما يتلى عليكم مثل الجنة، وقدره بعضهم مثل الجنة ما تسمعون، واختار الزمخشري أن الخبر: «كمن هو خالد ..» وعلى ما اخترنا فقوله: «كمن هو خالد ..» خبر لمبتدأ محذوف تقديره: أمن هو خالد في الجنة كمن هو خالد في النار.

(٢) سؤال: هل يقصد بالذين أوتوا العلم المؤمنين المهتدين كافة أم علماء الصحابة فقط؟

الجواب: المراد علماء الصحابة أي: الذي وجه المنافق الخطاب إليه ولو واحداً إذ لا يتأتى في العادة أن يوجه المنافق السؤال إلى كل علماء الصحابة.