سورة محمد
  وتواضعوا لقبول ما جاءهم به، فأخبر تعالى بأنه سوف يزيدهم هدى وبصيرة ونوراً في قلوبهم، وعلماً يميزون به بين الحق والباطل، وأنهم كلما اهتدوا وازدادوا إيماناً فإنه يزيدهم من التنوير والبصيرة في قلوبهم.
  {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ(١) بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ١٨}(٢) أراد الله سبحانه وتعالى بذلك أن يقطع أمل نبيه ÷ ويحسم طمعه من إيمان المنافقين وقبولهم دعوته وما جاء به، وأنه مهما حاول في هدايتهم فلن يزدادوا إلا ضلالة وجهلاً وبعداً، ولن ينفكوا عن الكفر والنفاق والتكذيب حتى قيام(٣) الساعة فإذا قامت الساعة(٤) فإنهم حينئذ سيذعنون
= الهدى فقبلوا أي: أن «اهتدوا» من باب الانفعال وليس من باب الفعل.
(١) سؤال: فضلاً ما محل: «أن تأتيهم» من الإعراب؟
الجواب: محله النصب على البدلية من الساعة.
(٢) سؤال: هل المراد بالذكرى في قوله: «ذكراهم» الساعة، فما وجه هذا الإطلاق؟ أم المراد ما به يتذكرون فكيف لا ينفعهم مجيئه؟
الجواب: إذا قامت القيامة تذكر هناك المنافقون والكافرون وعلموا أن ما كان الرسول ÷ يذكرهم به حق وصدق، ولكن لا تنفعهم الذكرى في القيامة فليس المراد بذكراهم الساعة، بل المراد ما كان يذكرهم به النبي ÷ في الدنيا، ولكن لا ينفعهم تذكرهم يوم القيامة: {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ٥٢}[سبأ]، بل كانت تنفعهم لو تذكروا في الدنيا.
(٣) سؤال: من أين نأخذ هذا؟
الجواب: يؤخذ ذلك من السياق: {وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ}[الأحقاف: ٣٥]، {فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ١٨}، فإن في ذلك ما يدل على أنهم لا يؤمنون حتى يأتيهم عذاب يوم القيامة القريب.
(٤) سؤال: فضلاً هل تريدون أن أشراط الساعة بمعنى الساعة نفسها فما قرينة ذلك؟ أم أنها علاماتها وأمارتها؟
الجواب: المراد الساعة لا أشراطها.