سورة محمد
  {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ٢١}(١) فإذا نزل الأمر والإذن بالقتال فليصدقوا في قتالهم وجهادهم، فهذا أفضل لهم مما هم عليه من النفاق والاقتراح على الله سبحانه وتعالى وعلى رسوله ÷، ومعنى «عزم الأمر»: جدَّ ولزم.
  {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا(٢) فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ٢٢ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ٢٣} أراد الله سبحانه وتعالى أن أولئك المنافقين إن تمردوا(٣) عن الإيمان وعن القتال مع النبي ÷ فقد أوشكوا أو قد صاروا من أهل الفساد في الأرض وتقطيع الأرحام، وذلك أن طبائعهم مجبولة على الشر والفساد في الأرض؛ فحذرهم الله سبحانه وتعالى وتهددهم وأخبرهم أنهم من أهل لعتنه وغضبه حتى ولو كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيمون الشرائع مع المسلمين، لأنهم لا يتعظون بما يسمعون من القرآن، وقد غطى الكفر والنفاق قلوبهم فلا ينفذ إليها شيء من الهدى الذي جاءهم به النبي ÷، وأبصارهم(٤) تعامت عن رؤية الحق والصواب لسبب ما
(١) سؤال: هل يؤخذ من الآية لزوم مصداقية المؤمن في كل الصالحات أم كيف؟
الجواب: وجوب المصداقية هو في كل الأعمال الصالحة فلا يقبل الله تعالى إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم وكان كما أمر الله تعالى وعلى الصفة التي يريدها الله تعالى.
(٢) سؤال: فضلاً ما محل «أن تفسدوا» من الإعراب؟ وما معنى الفاء في قوله: «فهل»؟
الجواب: «أن تفسدوا» في محل نصب خبر «عسى»، والفاء للتفريع فتوقع دخولهم في الإفساد وتقطيع الأرحام متفرع على نفاقهم ومرض قلوبهم وعلى ما ظهر من خبثهم.
(٣) سؤال: يقال: لعلكم بنيتم هذا على أن «توليتم» من التولي والإعراض فهل ذلك لمرجح؟ وهل يصح حمله على أنه من تولي أمر الأمة أم لا ولماذا؟
الجواب: قد فسروا التولي بالوجهين فلا مانع من حملها على أيهما أو عليهما جميعاً من باب حمل المشترك على جميع معانيه غير المتنافية.
(٤) سؤال: يقال فما الوجه في إسناد أفعالها إلى الله سبحانه وتعالى؟
الجواب: أسند ذلك إلى الله تعالى لأنه منعهم الألطاف والتوفيق والتنوير.