سورة محمد
  يظن هؤلاء المنافقون أن أمرهم ونفاقهم سيظل مخفياً، وأن ما في سرائرهم لن ينكشف لأحد، فلا بد أن يظهر الله تعالى أمرهم ويفضحهم، ويهتك سترهم بين جميع الناس.
  {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}(١) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنه لو شاء أن يطلعه ويخبره بالمنافقين فرداً فرداً لفعل، ولكنه سوف يعرفهم من خلال نبراتهم وفلتات ألسنتهم.
  {وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ٣٠}(٢) وأخبره أنه عالم بهم فرداً فرداً، ومطلع على جميع أعمالهم وسيحاسبهم عليها.
=
الجواب: الاستفهام إنكاري توبيخي. «أن» مصدرية وهي ومدخولها مؤولة بمصدر منصوب ساد مسد مفعولي حسب.
(١) سؤال: يقال: ما الحكمة في عدم تعريف النبي ÷ بأعيانهم مع أن ظاهر المصلحة في ذلك؛ لتحذير الناس منهم، ولتجويز الخطأ في معرفتهم بلحن القول؟
الجواب: قد أكد الله تعالى لنبيه ÷ أنه سيعرفهم هو بلحن القول معرفة محققة أما بقية المسلمين فمحجوب عليهم معرفتهم عند نزول الآية، والحكمة في إخفائهم وعدم التعريف بهم هي أن حكمة الله اقتضت أن تظهر حقيقة المؤمن والمنافق من خلال العمل بدليل قوله تعالى بعد هذه الآية: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ٣١} فبالابتلاء يظهر المؤمن الصادق وينكشف نفاق المنافق، ولو أن النبي ÷ بين المنافقين بأسمائهم قبل أن ينكشف نفاقهم بالابتلاء والاختبار لنفر كثير عن الإسلام خوفاً مما سمعوه أو رأوه من النبي ÷ من طرد بعض أصحابه ولعنهم والتحذير منهم و ... إلخ، وربما داخل الريب والشك بعض المؤمنين إذا رأوا النبي ÷ طرد فلاناً وفلاناً و ... إلخ وقالوا: ما ذنبه فنحن نعرفه وقد صحبناه ولم نر منه غير الإيمان والعمل الصالح و ... إلخ.
(٢) سؤال: ما الوجه في جعل الضمير للمخاطب دون الغائب في قوله: «يعلم أعمالكم»؟
الجواب: التفت إليهم بالخطاب بعد الغيبة لكونه أبلغ في الوعيد لهم.