سورة محمد
  {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ(١) أَخْبَارَكُمْ ٣١} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه لا بد أن يكشف أمر المنافقين(٢) ويظهره للناس، وذلك بما يبتليهم به من فرض جهادهم للمشركين، وقد أقسم الله تعالى على ذلك ليظهر أمرهم، وليتميزوا عن أهل الإخلاص واليقين، وقد حصل ذلك في يوم أحد عندما أمر الله تعالى النبي ÷ ومن معه بالجهاد، فلما صاروا في وسط الطريق انسحب عبد الله بن أُبَيّ بثلث جيش النبي ÷، وفي يوم الخندق عندما ذهبوا من بين يدي النبي ÷ حتى لم يبق معه إلا المخلصون(٣).
  {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى(٤) لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ ٣٢} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أن المشركين الذين جدوا واجتهدوا في الكفر والصد عن سبيل الله تعالى وكيد النبي ÷ لن يصلوا إلى ما أملوا من إبطال ما جاء به النبي ÷ من عند الله تعالى وسوف يظهر الله دينه ويعز أولياءه وسيبطل أعمالهم وسيغلبون ويقهرون.
(١) سؤال: ما الوجه في حذف القسم الآخر المقابل لقوله: «المجاهدين منكم»؟ وعلام عطف قوله: «ونبلو»؟
الجواب: الوجه هو الإيجاز وإذا عرف المجاهدون الصابرون منهم فالبقية ليسوا كذلك أي: أنه محذوف لوجود ما يدل عليه. «ونبلو» معطوف على «نعلم».
(٢) سؤال: من فضلكم ما الوجه في قصره على المنافقين وظاهر الخطاب لكل المسلمين؟
الجواب: الوجه أن السياق في المنافقين، وقد كان المنافقون هم الكثرة الكاثرة في المجتمع المدني، وأهل الإخلاص واليقين قلة قليلة، بالنسبة للمنافقين.
(٣) سؤال: يقال: متى ذهبوا عن النبي ÷ يوم الخندق؟ أم المقصود بهم الذين قالوا: «إن بيوتنا عورة وما هي بعورة»؟
الجواب: هم الذين قالوا: «إن بيوتنا عورة» ومنهم من تسلل من غير اعتذار.
(٤) سؤال: علام يدلنا قوله: «من بعد ما تبين لهم الهدى»؟ وتكريرها؟
الجواب: يدل ذلك على تهجين أمرهم وسخافة عقولهم، فالعاقل لا يعدل عن الهدى إذا عرفه.