محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة محمد

صفحة 211 - الجزء 4

  {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ⁣(⁣١) لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ} وها هو الرسول ÷ يدعوكم⁣(⁣٢) اليوم لتنفقوا شيئاً من أموالكم في سبيل الله فكيف لو طلب منكم إنفاقها جميعاً؟ فمن بخل فإنما يمنع عن نفسه الخير وعطاء الله سبحانه وتعالى، ومن أنفق فإن الله تعالى سيعوضه خيراً مما أنفق فضلاً عن الثواب الذي يدخره له، والله سبحانه وتعالى غني عن أموالكم وليس محتاجاً إلى شيء من نفقاتكم، وما أمركم به من الإنفاق فإنما هو امتحان واختبار منه لكم.

  {وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} وهو تعالى غير محتاج لنفقتكم فأنتم المحتاجون والفقراء لما عنده.


(١) سؤال: ما إعراب: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ

الجواب: «ها» للتنبيه، «أنتم» مبتدأ، «هؤلاء» خبر، وجملة «تدعون» مستأنفة لبيان المراد مما قبلها، وأعربه بعضهم: «أنتم» مبتدأ، «هؤلاء» منادى معترض بين المبتدأ وخبره الذي هو جملة «تدعون».

(٢) سؤال: ما هو الإنفاق الذي دعوا إليه هنا؟ هل الواجب الذي هو الزكاة؟ مع أن المشهور أن إنفاقات الصحابة يوم العسرة ونحوه كانت من خالص ما يملكونه دون الزكاة؟ وهل يصير الإنفاق هذا واجباً ولو بأكثر مال الإنسان لأجل هذه الآية وأمثالها؟ أم كيف؟

الجواب: الذي ينبغي أن يقال في ذلك أن المراد هو الزكاة بدليل قوله أولاً: {وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ ٣٦ إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ ٣٧}⁣[محمد]، فإنها تدل على أن دعوتهم للإنفاق ليست لكل أموالهم أو لأكثرها أو لما ينهكهم ويضرهم إنفاقه.

هذا، وقد كان أهل المدينة أهل نخيل وقليل منهم ليس له نخيل وطلب الإنفاق هو موجه إليهم تقريباً لأن المهاجرين كانوا فقراء، والأغنياء فيهم قليل؛ لذلك فطلب الإنفاق هو طلب الزكاة الواجبة عليهم، هذا بالنسبة لما يدفعونه إلى رسول الله ÷، أما نفقة الرجل الذي يخرج للجهاد فيجب عليه الإنفاق على نفسه إذا كان واجداً للنفقة على نفسه وعلى أهله، فإن كان عنده زكاة أخرجها إلى النبي ÷ وإن لم يكن عنده زكاة فلا يجب عليه إلا أن يخرج وينفق على نفسه وعلى راحلته هذا هو الذي ظهر لي، والله أعلم.