سورة الفتح
  وَأَصِيلًا ٩}(١) وكذلك أرسله الله تعالى ليدعو الناس إلى الإيمان والتصديق بالله ورسوله، ومعنى «تعزروه»: تنصرونه، و «توقروه»: تعطونه حقه من التوقير والتعظيم، وأرسله أيضاً لأجل أن يأمرهم بتنزيه الله تعالى عن الشريك والولد وتقديسه وتعظيمه.
  {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ(٢) اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن أولئك الذين بايعوا النبي ÷ بيعة الرضوان تحت الشجرة في غزوة الحديبية.
  وذلك أن النبي ÷ دعا الناس إلى الخروج معه لأداء العمرة ثم لما وصل بهم إلى ناحية الحديبية - قريباً من مسجد عائشة المعروف - أرسل عندها رسوله إلى أهل مكة ليخبرهم بقدومهم، وأنهم لم يأتوهم مقاتلين وإنما أتوا قاصدين زيارة البيت الحرام، فوصل الخبر إلى النبي ÷ بأن أهل مكة قتلوا رسوله، فجمع عندها المسلمين وطلب منهم البيعة على السمع والطاعة والجهاد معه حتى الموت فبايعه المسلمون، وبقي قلة من المنافقين تهربوا من تلك البيعة؛ فأخبر الله سبحانه وتعالى عن هؤلاء الذين بايعوا النبي ÷ بأنهم إنما يعاهدون الله تعالى ببيعتهم هذه، وكانت هذه البيعة قبل فتح مكة بنحو سنتين.
(١) سؤال: ما فائدة التقييد بقوله: {بُكْرَةً وَأَصِيلًا ٩} هنا؟
الجواب: الفائدة هي بيان استمرار تسبيح الله وتنزيهه في جميع الأوقات، لا وجود مطلق التسبيح من المرسل إليهم ثم يعودون إلى شركهم.
(٢) سؤال: ما السر في فصل هذه الجملة عما قبلها؟ وما نوع المجازية فيها؟
الجواب: فصلت لأنها تعليل لما قبلها، والمعنى: إنما يبايعون الله، فليحذروا من النكث والخيانة؛ لأن قوة الله أعظم من قوتهم ولا قوة لهم ولا طاقة على رد نقمة الله إذا أراد الانتقام منهم. والمجاز في قوله: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} هو من المجاز المرسل.