سورة الفتح
  يعتذرون إليه عند رجوعه إلى المدينة بأموالهم وأولادهم أنها شغلتهم ومنعتهم عن الخروج معه، وسيطلبون منه السماح وقبول العذر، وهم في الحقيقة كاذبون، فقلوبهم مليئة بالكفر والكذب والنفاق، وهؤلاء هم المنافقون الذين كانوا حول المدينة من الأعراب والبدو.
  {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ١١ بَلْ(١) ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ} فأمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يجيب على أعذارهم تلك بأنها لن تنفعهم عند الله تعالى، ولن تدفع(٢) عنهم شيئاً من عذابه وسخطه، وأن يخبرهم بأن الله سبحانه وتعالى قد أطلعه على مكنون ما يسرونه ويضمرونه من أنه لن يرجع إلى المدينة بعد خروجه هذا، وأنها ستكون النهاية، وأن هذا في الحقيقة هو الذي منعهم عن الخروج معه لا ما يعتذرون به من انشغالهم بأموالهم وأولادهم.
  {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا ١٢} وظنكم ذلك الذي ظننتموه من هلاك النبي ÷ ومن معه، وأنها ستكون النهاية ظنُّ سَوءٍ، وظنُّ أهل الخسارة والبوار المكذبين بوعد الله تعالى ورسوله، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بذلك الحدث وما سيكون من المنافقين قبل أن يرجع ويصل إليهم.
  {وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا ١٣} وتخلف
(١) سؤال: ما الذي يفيده الإضراب في قوله: {بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ١١} وقوله: {بَلْ ظَنَنْتُمْ ...}؟
الجواب: يفيد الانتقال من خبر إلى خبر من غير إبطال.
(٢) سؤال: يقال: فما فائدة قوله: {أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا} في الآية إذاً؟
الجواب: قالوا: إن الفائدة تكميل التقسيم الحاصر مع إفادة أن الشر والخير بيد الله وبإرادته ومشيئته.