سورة الفتح
  يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} وأخبر أن المؤمنين الذين أخلصوا في إيمانهم معه هم من أهل الشدة والبأس على المشركين، ومن أهل اللين والتواضع والتسامح فيما بينهم، ومن صفتهم أيضاً أنهم يقطعون ليلهم ساجدين وراكعين، وذاكرين لله تعالى وباكين خوفاً من غضبه وسخطه.
  {سِيمَاهُمْ(١) فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ(٢) مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ} وأخبر أن وجوههم تشع نوراً من كثرة ركوعهم وسجودهم لله تعالى، ثم أخبر الله تعالى أنه قد وصفهم في التوراة بهذا الوصف.
  {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ(٣) فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} ووصفهم في الإنجيل وشبههم بزرع نابت قد أخرج ثمره وخرجت أوراقه واستغلظت سيقانه واستقام عليها، يعجب بنظره أهل الزراعة لما يرون من صلاح الزرع وقوته ونضارته وكثرة حبه، فهكذا(٤) أراد الله أن يكون المؤمنون ليقهروا أهل الكفر ويخزوهم ويرهبوهم ويرعبوهم، ومعنى «شطأه»: ورقه، و «آزره»: قوّاه.
(١) سؤال: هل هذه الجملة في محل رفع خبر أيضاً لقوله: «الذين معه» أم ماذا؟
الجواب: وهذه أيضاً في محل رفع خبر خامس.
(٢) سؤال: ما السر في فصل هذه الجملة عن سابقتها؟
الجواب: فصلت لأنها مستأنفة لتعظيم صفتهم.
(٣) سؤال: مم اشتقت هذه اللفظة؟
الجواب: «شطأه» اسم جنس لفراخ النخل أو الزرع أو ورقه وليس مشتقاً.
(٤) سؤال: لم يظهر لنا ما المراد من هذا المثل؟ وما هي الصفة التي أراد الله أن يكون عليها المؤمنين حتى يغيظوا الكفار؟
الجواب: المراد بالصفة القوة في الإيمان واليقين والصدق في العمل بأحكام الإسلام والالتزام بشرائعه مع الصديق والعدو وفي السلم والحرب ومع القريب والبعيد يؤدون ما يجب عليهم وينتهون عما نهوا عنه مع الصدق والوفاء و ... إلخ.