محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحجرات

صفحة 241 - الجزء 4

  ولوقعتم في الشدائد والمصائب، فلا يكبر عليكم أيها المؤمنون إن كان النبي ÷ لا يعمل بآرائكم أو يأخذ بنصائحكم واقتراحاتكم؛ لأن ذلك ليس منه إلا لمصلحتكم وحرصاً عليكم أن تقعوا في المهالك، أراد الله سبحانه وتعالى أن لا يقترحوا عليه في أي شيء، أو يفرضوا عليه أي رأي أو مشورة⁣(⁣١).

  {وَلَكِنَّ⁣(⁣٢) اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ⁣(⁣٣) ٧ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً


(١) سؤال: قد يقال: كيف يجمع بين هذا وبين أمثال قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}⁣[آل عمران: ١٥٩]، {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}⁣[الشورى: ٣٨]؟

الجواب: لا تعارض بين ذلك فإذا شاور النبي ÷ أصحابه فيجب عليهم بعد سماع آرائهم ومشوراتهم أن يستجيبوا لما عزم عليه ولا يعترضوه ولا يخطئوه ولا يكبر عليهم إن لم يعمل بمشورتهم ولا يصروا على أن أراءهم هي الصواب.

(٢) سؤال: فضلاً مِمَّ هذا الاستدراك؟ وماذا يفيد؟

الجواب: كان الصحابة قد أشاروا على النبي ÷ بالإيقاع ببني المصطلق وكأنهم ألحوا عليه ولم يراعوا مكانة رسول الله ÷ كما ينبغي فنزل قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ} واستهجن الله عليهم جسارتهم على النبي ÷ ثم جاءت «لكن» لبيان عذر بعضهم فيما أشاروا به على النبي ÷ من الإيقاع ببني المصطلق وهو أنه إنما حملهم على ذلك هو حبهم للإيمان وكراهتهم للكفر والفسوق والعصيان، ولعل المقصود بذلك هو من أشار منهم على النبي ÷ بالإيقاع من غير جسارة على النبي ÷ وإلحاح مع مراعاتهم لمكانة رسول الله ÷.

(٣) سؤال: إلام الإشارة بقوله: «أولئك هم الراشدون»؟ وما الوجه في إقحامها هنا؟ وما إعراب: «فضلاً»؟

الجواب: الإشارة تعود إلى المخاطبين في قوله: «ولكن الله حبب إليكم الإيمان ..» وهم الذين استثناهم الله واستدركهم من الاستهجان والاستنكار، وجيء بها للتنويه بفضلهم واختصاصهم بالرشد والتعريض بالذين ألحوا على رسول الله ÷ ولم يراعوا مكانته وحرمته.