محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحجرات

صفحة 242 - الجزء 4

  وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٨} واعلموا أن الله سبحانه وتعالى قد تفضل عليكم بأن زين لكم الإيمان وجعله محبباً إلى قلوبكم، وبغض الكفر والفسوق والمعاصي إلى قلوبكم وجعلكم تكرهونها نعمة منه تعالى وتفضلاً تفضل به عليكم.

  {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ⁣(⁣١) اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}⁣(⁣٢) ثم ألزم الله المؤمنين إذا رأوا طائفتين أو فئتين من المسلمين يتقاتلون أو أشرفوا على القتال أن يسعوا جهدهم في الصلح بينهما، وأخبرهم أن ذلك فرض محتوم عليهم حتى يتم الصلح بينهما.

  {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ


(١) سؤال: فضلاً ما إعراب «طائفتان»؟ وهل يعمل بالمفهوم من القيد بقوله: «من المؤمنين»؟ وهل يصلح قيداً للعموم في قوله تعالى: {أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}⁣[النساء: ١١٤]، أم لا؟

الجواب: «طائفتان» فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده؛ لأن «إن» الشرطية لا تدخل إلا على الأفعال.

ودلت هذه الآية: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ} على وجوب الإصلاح بين المؤمنين دون الكافرين والفاسقين، ودلت الآية الأخرى: {أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} على ندبية الإصلاح بين عموم الناس، دون وجوبه؛ لأن إثبات الخيرية لأمر والترغيب في فعله يحتمل وجوبه وندبه، فيحمل على الندب؛ لأنه المحقق، والأصل براءة الذمة من الوجوب، واقتران الإصلاح بين الناس بالأمر بالمعروف والصدقة وهما واجبان لا يدل على وجوب الإصلاح؛ لضعف دلالة الاقتران، يؤيد ما ذكرنا قوله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}⁣[المائدة: ٤٢]، والمراد اليهود.

(٢) سؤال: فضلاً هل هناك فرق بين هذا الصلح المذكور في الآية أولاً والصلح الثاني المدلول عليه بقوله: «فأصلحوا بينهما بالعدل»؟

الجواب: نعم هناك فرق فالصلح الأول يراد به الحجز بين الطرفين المتقاتلين وتوقيف القتال بينهما ومنع بعضهم من بعض، وفرض الأمن بينهم من غير تعرض لما حصل من قتل وجرح وتلف أموال، والصلح الثاني يراد به الحجز بينهما مع تضمين كل طرف كل ما حصل منه جناية كبيرة أو صغيرة على نفس أو مال وعلى المصلحين أن لا يتجاوزوا عن شيء من ذلك ويوفوا كل طرف ما يستحقه على الطرف الآخر.