سورة الحجرات
  فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا(١) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٩}(٢) وذلك بعد أن سعيتم في الصلح وفصلتم بينهما، فإذا بغت إحداهما بعد ذلك واعتدت على الأخرى فإنه يجب عليكم أن تقوموا في نحر الباغي منهما، وأن تدفعوا عدوانه حتى يستجيب لحكم الله تعالى، ثم تنظروا في أمرهما وتسعوا في الصلح بينهما والانتصاف للمظلوم منهما، ويجب عليكم أن تتحروا في العدل والحكم بالقسط بينهما.
  {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ(٣) وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ١٠}(٤) وأن الواجب على المؤمنين السعي في الصلح بين المتخاصمين منهم وإصلاح شأنهم؛ لأن الله تعالى أراد أن يكون المؤمنون إخوة متحابين، وأن لا يكون
(١) سؤال: هل قوله: «وأقسطوا» تكرير لمفاد قوله: «بالعدل» فما علته؟ أم له فائدة أخرى فما هي؟
الجواب: «وأقسطوا» أي: في كل الأمور والصلح بالعدل الأول هو خاص بالأمر بالعدل بين الطرفين المتقاتلين.
(٢) سؤال: هل يشترط تمكن الفئة المؤمنة من الصلح والفصل بينهما بإيقاف من تسول له نفسه الاعتداء على خصمه أم كيف؟ وهل خشية حدوث فوضى وانتشار عداوات بين المصلحين والفئة المعتدية يسقط هذا الواجب مع حصول أكثر وسائل التمكن أم لا يسقطه؟
الجواب: يلحق هذا بباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في شروطه.
(٣) سؤال: لطفاً أين المحصور وأين المحصور فيه في قوله: «إنما المؤمنون إخوة»؟ وهل قوله: «بين أخويكم» أصرح في التقييد أنه لا يلزم المصالحة إلا بين المؤمنين دون الفسقة والمجرمين؟
الجواب: المحصور هو المؤمنون والمحصور عليه «إخوة» أي: لا أعداء، والخطاب موجه لمن يعتقد أن الأوس والخزرج أعداء، فهو قصر قلب من قصر الموصوف على الصفة، وقوله: «بين أخويكم» يدل على أن وجوب المصالحة إنما هي بين المؤمنين دون الفسقة والمجرمين.
(٤) سؤال: ما السر في تذييل هذه الآية بقوله: «لعلكم ترحمون»؟
الجواب: السر - والله أعلم - هو بيان أن رحمة الله للمؤمنين مرهونة بامتثال أمره والانتهاء عند نهيه، و «لعل» هنا للتعليل.