سورة الحجرات
  بينهم ما ينافي الأخوة.
  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ(١) وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ}(٢) ثم أمر الله سبحانه وتعالى عباده مرشداً لهم ومعلماً ومؤدباً أن لا يحتقروا أحداً أو يتنقصوه أو يقللوا من شأن أحد فقد يكون من تنقصوه خيراً منهم وأفضل عند الله، وكذلك النساء فلا يتنقصن أحداً منهن أو يسخرن منها، إما لأجل فقر أو ضعف أو قلة حيلة، أو دمامة، فقد تكون خيراً منهن عند الله سبحانه وتعالى.
  {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} ولا يعب بعضكم بعضاً، وقد أراد الله سبحانه وتعالى أن لا يعيب الأخ أخاه(٣)، وقد عبر عن الأخ بالنفس لشدة رابط الأخوة بين المؤمنين.
(١) سؤال: هل تحريم السخرية والاحتقار مطلق؟ أم أنه مقيد بكون المسخور منه من أهل الدين والصلاح؟ وما الدليل على ذلك؟ وبناء على ذلك هل يجوز للمؤمن أن يتنقص مجروح العدالة بعيب في خلقته أو في طبائعه أو نحو ذلك؟ أم لا يذكره إلا بما ينقص دينه مما سقطت عدالته به؟
الجواب: تحريم السخرية والاحتقار مقيد بكون المسخور منه من أهل الدين والصلاح أو ممن ظاهره الإيمان، ودليل ذلك قوله: {عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} ولا خير في غير المؤمن، ولا يقال في أهل النار أنهم خير من أحد.
ويجوز للمؤمن السخرية والاحتقار لمجروح العدالة بفعل كبيرة موجبة للنار غير تائب منها فيعاب بعيوبه الخلقية والطبيعية ويعاب بأعماله الخبيثة؛ إذ لا خير في أهل النار ولا تجرى فيهم الخيرية.
(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب: {عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ}؟
الجواب: «عسى» فعل ماض من أفعال الرجاء، وهي هنا تامة. «أن يكن» أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل عسى، «خيراً» خبر يكن ونون النسوة اسمها.
(٣) سؤال: استشكل بعض الإخوان ما يصدر من بعض الكلمات بين الأصدقاء المؤمنين أو بين المدرس وطلابه نحو: يا لعبي، يا بليد، فلان مسكين (غير حاذق)، فلان جواد (ليس بنبيه)، عديم، حرق، متساهل، و ... و ... و ..، هل هي من اللمز أو التنابز أو الغيبة في حال غياب صاحبها أم لا؟ وهذا كله مع عدم اعتقاد المتكلم لنقص دين من يتكلم عنه؟
الجواب: ما ذكرتم من الكلمات ونحوها مما دخل في لهجة المتكلم ولغته منذ الصغر وانعقد عليها لسانه فهو ينطقها ويتكلم بها عند حصول سبب من غير قصد منه إلى تنقيص أو عيب أو =