سورة الحجرات
  {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} ونهاهم أن ينادي أحد منهم أخاه وصاحبه إلا بأحب الأسماء إليه، وأن لا يدعوه بما يكره من الأسماء.
  {بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ١١} أراد الله سبحانه وتعالى أن لا يدعو المسلم أخاه بـ: «يا فاسق»، أو يكون(١) المراد أن الذي يعيب الناس ويسخر منهم يستحق اسم الفاسق، ويعد عاصياً عند الله تعالى تجب عليه التوبة من ذلك؛ لأنه خرج عن حدود الله، وظلم نفسه بما جنى عليها من استحقاق العذاب.
  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا(٢) مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}(٣) ثم أمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين أن يحسنوا ظنهم بإخوانهم، وأن يحملوهم على السلامة في جميع أمورهم، وأن لا يصدقوا ما نقل عنهم من الكلام، وأن لا يأخذوهم بالتهمة، وقد أراد الله تعالى بالظن هنا ما لا بينة له عليه،
= سخرية فإنه يلحق باللغو الذي لا يؤاخذ به قائله. يؤيد ما ذكرنا: أن المخاطب بمثل ذلك لا يكبر عليه ذلك ولا يتأذى به؛ لعلمه بحسن نية المتكلم، وهذا في حين ينبغي للمؤمن أن يتحرز عن قول مثل تلك الكلمات، وأن يتعود على إبعادها عن لسانه.
(١) سؤال: من أين يظهر لنا هذا الاحتمال الآخر؟
الجواب: يظهر لنا ذلك من ورود الذم: {بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ ...} بعد قوله: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} أي: أن جملة الذم كالتعليل للنهي فكأنه قال: لأنه يوجب الفسق، إلا أن جملة الذم حلت محل ذلك لزيادة تقبيح التنابز والتنفير عنه.
(٢) سؤال: قد يقال: لم قال الله في النهي: «كثيراً من الظن» وفي تعليله: «بعض الظن إثم»؟
الجواب: المراد ببعض الظن هو المراد بـ «كثيراً من الظن» إلا أن التكرير غير مرضي عند أهل البلاغة لذلك خالف هنا بين العبارتين للتفنن.
(٣) سؤال: ما الوجه في عطف الماضي «فكرهتموه» على المضارع «يأكل»، مع عدم التناسب بينهما في الظاهر؟
الجواب: الفاء في قوله «فكرهتموه» هي الفصيحة أي: إن صح هذا فكرهتموه أي: فقد كرهتموه.