سورة الحجرات
  ونهاهم عن التجسس على إخوانهم(١) المؤمنين، وتتبع عوراتهم، ومحاولة كشف سترهم وأسرارهم، ونهاهم أيضاً أن لا يذكروا إخوانهم في ظهر الغيب بما يكرهون(٢)، وقد شبه الله سبحانه وتعالى من يغتاب أخاه بمن يأكل لحمه وهو ميت
(١) سؤال: من أين نفهم هذا القيد؟ وما الذي يدل على جواز التجسس على الفساق والكافرين؟ وما الذي يدعونا إلى التجسس عليهم ونحن نقطع بسوء حالهم وكثرة معايبهم؟
الجواب: فهم القيد من حيث أن سياق هذه الآيات هو المحافظة على روابط الأخوة بين المؤمنين وترك الأسباب التي تفسدها، فقوله: «ولا تجسسوا» هو مقيد أي: لا يتجسس بعضكم على بعض بدليل قوله تعالى في الجملة التي بعدها: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} فالسياق واحد والمعنى المطلوب واحد ابتداء من قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ...} إلى هذا الموضع، وما دام قوله تعالى: {وَلَا تَجَسَّسُوا} مقيداً في المعنى فيفهم منه جواز التجسس على غير المؤمنين، ويتأيد ذلك بما اشتهر في سيرة الرسول ÷ أنه كان يبعث العيون على أهل الحرب، والذي يدعو إلى التجسس على الكافرين والبغاة هو الاحتراز من شرهم والأمن من غدرهم، ومعرفة عددهم وعدتهم.
(٢) سؤال: ما الذي جعل أهل المذهب يزيدون هذا القيد في تعريف الغيبة «بما لا ينقص دينه»؟ وما الذي يجوز ويستثنى من مواضع الغيبة؟ وهل أدلة ذلك قوية؟
الجواب: كأنهم زادوا القيد للاحتراز عن ذكره بما ينقص دينه فإنه يجوز عيبه بترك الصلاة عمداً من غير عذر وبعقوقه لوالديه وقطعه لرحمه وبأكله لأموال اليتامى ظلماً ونحو ذلك.
ويستثنى من مواضع الغيبة حالات:
١ - يجوز للمظلوم أن يشكو من ظالمه فيذكره بأنه ظالم محتال أخذ مالي بغير حق وسرقه وكذب علي فهو كذاب ... ، فإن كان ظالمه كذلك فلا إثم عليه ودليل ذلك قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}[النساء: ١٤٨]، وحديث: «لَيُّ الواجد يُحِلُّ عرضه وعقوبته»، ومعنى الحديث: أن مطل الغني عن تسديد الدين مع مطالبة صاحبه يحل عرضه وعقوبته أي: أن لصاحب الدين أن يقول: إنه مماطل ظالم خائن ... ، وللحاكم أيضاً أن يعاقبه بحبس أو نحوه.
٢ - ويجوز عند التعريف برجل لمن لا يعرفه أن تقول مثلاً: هو ذلك الرجل الأعور ذو البشرة السوداء =