سورة الحجرات
  {إِنَّ(١) أَكْرَمَكُمْ(٢) عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(٣) ثم رد الله تعالى على من يدعي الفضل والشرف بنسبه ومن يفتخر لكونه من آل فلان بأن الأمر ليس كما يدعي ويظن، بل الكريم عند الله تعالى والرفيع هو من اتقى الله، ومن كانت قدمه أرسخ في تقوى الله تعالى فهو أفضل عنده وأشرف وأكرم عليه، فكرم الإنسان ورفعته وشرفه على قدر منزلته عند الله سبحانه وتعالى.
  {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ١٣} فاتركوا الترفع على الناس واستحقارهم فهو عليم
(١) سؤال: هل هذا الاستئناف بيان علة لمحذوف تقديره: لا لتفاخروا؟ أم ماذا؟
الجواب: استئناف في جواب سؤال مقدر.
(٢) سؤال: قوله: «أكرمكم» مأخوذ من الكرم وهو الجود في العطاء فما السر في التعبير به عن الرفيع مطلقاً؟
الجواب: عبر به عن الرفيع عند الله لأنه يؤدي جميع ما أوجب الله عليه ومنها الواجبات المالية.
(٣) سؤال: يقال: كيف نجمع بين الآية ومدلول الحديث الذي رواه البخاري وغيره عن النبي ÷: «الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام ..» ونحوه، «... ثم اصطفى من كنانة قريشاً، ثم اصطفى من قريش بني هاشم، ثم اصطفاني من بني هاشم ...»؟
الجواب: لا تقع خيرة الله من عباده الذين تتغلب عليهم طبائع العدوان والرذيلة وطبائع الكبر والفخر والميل إلى الشر، ويختار الله من تميل طبائعه إلى التواضع والإنصاف والعدل وكراهة الرذيلة والفواحش، ومن يميل إلى نصرة المظلوم والرحمة بالضعيف واليتيم والبر والصلة، فتقع خيرة الله على من يحمل هذه الطبائع؛ لذلك جاء الحديث الذي أوردتموه: «خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام»؛ لذلك اختار الله تعالى محمداً ÷؛ لأنه بلغ في الكمال والخير الغاية والنهاية في الطبائع الخيرية عند البشر، واصطفاء الله تعالى لكنانة ثم لقريش ثم ... إلخ إنما هو لما تحمله من تلك الفضائل الرفيعة في الجاهلية، وأهل التقوى هم أهل الكرامة عند الله لما هم عليه من الصفات الحميدة الجامعة لمحامد كنانة وقريش و ... وللمحامد التي جاء بها الإسلام؛ لذلك فلا منافاة بين الآية وبين ما ذكرتم.