سورة الحجرات
  {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ١٥}(١) وأخبرهم أنه لا يسمى مؤمناً، ولا يستحق هذا الاسم إلا من آمن بالله تعالى، وأخلص في إيمانه وثبت عليه، واستقام ولم يترك مجالاً للشك والريبة في قلبه في صدق النبي ÷ وصحة ما جاء به، واستقام على دينه ولم يتراجع عنه، ثم بعد إيمانهم بالله تعالى ورسوله يبذلون أموالهم وأنفسهم في سبيل الله وإعلاء كلمته فهؤلاء هم المؤمنون الصادقون في إيمانهم عند الله تعالى.
  {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ(٢) وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ١٦} ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يسأل الأعراب مستنكراً عليهم إقبالهم عليه، مخبرين له أنهم قد آمنوا بالله ورسوله: وكانوا بدواً أجلافاً لا أدب فيهم ولا مراعاة لحرمة النبي ÷، فأخبرهم ÷ بأن
(١) سؤال: يقال: كيف يصح الحصر هنا - مع كونه في بيان حقيقة الإيمان - في أهل هذه الصفات، وفي آية الأنفال في صفات أخرى غير هذه؟ وكيف تم لنا حقيقة الإيمان فيمن أتى بجميع الواجبات واجتنب المقبحات مع هذا؟
الجواب: القصر هنا هو لقلب اعتقاد المخاطب، فإن الأعراب أقبلوا إلى النبي ÷ مسلمين منقادين وقالوا: آمنا، فرد الله عليهم بأن يقولوا: أسلمنا؛ لأن الإيمان لم يكن قد دخل قلوبهم، ثم قال الله لهم: «إنما المؤمنون ...» أي: لا من ارتاب ولم يجاهد بماله ونفسه في سبيل الله فلم يرد في هذه الآية إلا نفي هذا لا نفي غيره من صفات المؤمنين الواردة في غير هذا الموضع؛ لذلك فلا معارضة ولا مخالفة لما ذكرتم.
(٢) سؤال: هل المراد المصدر أي: تدينهم ودخولهم في الدين؟ أم الاسم والمراد أجزاء الدين؟
الجواب: المراد دخولهم في الدين أي: أن الله استنكر عليهم إعلانهم الإسلام بصورة منافية للأدب عند بيت الرسول ÷: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ٤}.