سورة الحجرات
  الله تعالى عالم بهم وبنياتهم، وليس محتاجاً إلى أن يتنقلوا بين شوارع المدينة، معلنين بين الناس عن إيمانهم، ولا أن يحدثوا تلك الضجة التي صدرت منهم.
  {يَمُنُّونَ(١) عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا}(٢) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أنّ هؤلاء الأعراب بإقبالهم إليه في تلك الهيئة يتمننون عليه بإسلامهم، وأنهم إنما يريدون بذلك أن يرتفع شأنهم ويعلو ذكرهم بين الناس، وأن ينوه النبي ÷ بذكرهم بين المسلمين.
  {قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١٧}(٣) فأمره الله تعالى أن يجيبهم بأن لا يأتوا إليه متمننين عليه بإسلامهم، وأن يقبلوا إلى الله تعالى فهو الذي هداهم وأنعم عليهم بنعمة الإسلام، وهو الذي يستحق أن يتوجهوا إليه ويشكروه ويطيعوه جزاء هدايته لهم، لا أن يكون الله هو الذي يشكرهم أو رسوله ÷.
(١) سؤال: هل نفهم من هذا أنه السبب في إنكار الله عليهم إعلان إسلامهم؟ أم أنه عدم الاعتقاد للإيمان بقلوبهم كما في أول الآيات؟ أم الجميع أسباب في ذلك؟
الجواب: يضاف هذا إلى قلة أدبهم مع النبي ÷ وجلافتهم عليه، وهو غير ما تقدم.
(٢) سؤال: ما محل المصدر: «أن أسلموا»؟ وهل يتعدى الفعل «يمن» بنفسه؟ أم بواسطة حرف الجر؟
الجواب: «أن أسلموا» في تأويل مصدر مجرور بباء مقدرة «أبأن أسلموا» أو منصوب بنزع الخافض، ويتعدى «يَمُنُّ» بحرف الجر كما ذكرنا، وقد يتعدى بنفسه.
(٣) سؤال: ما محل المصدر «أن هداكم»؟ وبماذا تعلق الشرط: «إن كنتم صادقين»؟ وكيف يكون المعنى حسب ذلك؟
الجواب: «أن هداكم» مثل: «أن أسلموا»، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله والتقدير: إن كنتم صادقين فالله المانّ عليكم.