محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الذاريات

صفحة 278 - الجزء 4

  لمعيشتهم وسكنهم، فانظروا في عجيب حكمة الله فيما خلق لكم من سمائه وأرضه.

  {وَمِنْ⁣(⁣١) كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ٤٩} وانظروا فيما خلق الله سبحانه وتعالى من أصناف المخلوقات، ففي ذلك آية دالة شاهدة لله سبحانه وتعالى بالوحدانية والقدرة. ومعنى «زوجين»: صنفين.

  {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ٥٠ وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ⁣(⁣٢) نَذِيرٌ مُبِينٌ ٥١} ثم أوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ÷ - بعد أن قص على قومه ما جرى على قوم لوط # وعلى عاد وثمود وفرعون وقومه من عذاب الله تعالى - أن يحذرهم من أن يصيبهم من عذاب الله مثل ما أصاب هؤلاء المكذبين الذين أصروا على تكذيب أنبيائهم، فإن أحبوا السلامة والنجاة من عذاب الله فليفروا إلى الله مستسلمين منقادين له وحده، تاركين لعبادة غيره، فلا مفر لهم


(١) سؤال: يقال: ما السر في تقديم المتعلق هنا؟ وهل تفيدنا هذه الآية أنه لا بد أن يكون في جميع أصناف النباتات والحيوانات نوعان مختلفان ذكر وأنثى؟ أم كيف؟ وهل يصح هذا في شيء آخر من المخلوقات أم لا؟

الجواب: السر في تقديم الجار والمجرور هو الاهتمام به من حيث أنه المراد بالتحدث عنه، وهنا أراد الله تعالى التحدث عن آية من آياته الظاهرة في كل شيء، ولم يقصد التحدث عن الفعل وهو الخلق.

وتفيد أن كل ما خلقه الله من حيوان ونبات وجماد صنفان مختلفان فالجبال سود وبيض والبيض مختلفة والسود مختلفة، والماء صنفان عذب فرات وملح أجاج، والأرض كذلك مختلفة منبتة وغير منبتة والتمر أسود وأبيض، والأسود منه مختلف والأبيض مختلف، وهكذا كل مخلوقات الله، وكل نوع من الحيوان ذكر وأنثى، والذكر نوعان سود وبيض و ... إلخ، والرياح زوجان شرقية وغربية لكل منهما طبيعة تخصها، وكل زوج يتفرع إلى زوجين و ... إلخ.

(٢) سؤال: بماذا تعلق الجار والمجرور «منه» في هاتين الآيتين؟

الجواب: «لكم» متعلق بنذير. «منه» كذلك متعلق بنذير، ويصح أن يكون حالاً من «نذير» لتقدمه عليه.