سورة الذاريات
  ولا مهرب من الله تعالى ومن عذابه إلا إليه، فإنهم إن لم يطيعوه ويعملوا ما يرضيه فإنه سيحل بهم عذابه وسخطه الذي أوشك أن ينزله بهم.
  {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ(١) إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ٥٢} دأب كل أمة من الأمم قبل قومك يا محمد أنهم إذا أرسل الله تعالى إليهم رسولاً فإنهم يكذبونه ويستهزئون به ويتمردون عليه، وقد لاقت الأنبياء قبلك مثل ما لقيت من قومك من الرمي بالسحر والجنون والتكذيب والاستهزاء.
  {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ(٢) هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ٥٣} إن رسل الله جميعاً لقوا من أممهم التكذيب والاستهزاء والاتهام بالسحر والجنون فلا يكبر عليك يا رسول الله ما لقيت من قومك فكل رسول من قبلك قد لقي مثل ما لقيت، واتهمه قومه بمثل ما اتهمك قومك من السحر والجنون، حتى كأن الأول منهم يوصي بذلك الآخر، والسبب الذي دعى الأمم السابقة واللاحقة إلى التكذيب والاستهزاء بأنبيائهم ورسلهم واتهامهم بالسحر والجنون هو أنهم توغلوا في الكفر واسترسلوا في طاعة الشيطان واتباع الأهواء.
(١) سؤال: فضلاً ما إعراب {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ} مفصلاً رفع الله شأنكم؟
الجواب: «كذلك» خبر لمبتدأ محذوف أي: الأمر كذلك. «ما أتى الذين من قبلهم من رسول» لا محل لهذه الجملة من الإعراب؛ لأنها استئناف في جواب سؤال مقدر يبين به المراد بجملة الأمر «كذلك». «ما» نافية، «أتى» فعل ماض، «الذين» موصول في محل نصب مفعول به، «من قبلهم» متعلق باستقر صلة الموصول، «من رسول» فاعل مجرور لفظاً مرفوع محلاً فاعل «أتى».
(٢) سؤال: يقال ما فائدة الاستفهام في هذه الآية؟ وما تفيد «بل» التي بعده؟
الجواب: الاستفهام هو يفيد الاستنكار والتعجب أي: أن الاستفهام إنكاري توبيخي تعجبي، وتفيد «بل» الإضراب عن الاستفهام الذي قبلها والإخبار بما هو أعجب وأنكر وأدهى من غير إبطال لما قبلها.